مجلة النور العدد الثالث – 2023
إنّي سعيد إذ نلتقي اليوم في هذا المكان، فهذا أوّل حفل تكريميّ يُقام، بحضوري وبركتي، لسلفي صاحب السيادة المتروبوليت جاورجيوس، لغرض سبق وأن باركه هو أثناء رعايته لهذه الأبرشيّة. إنّه مفرح لنا جميعًا أن تكون هذه المكتبة والقاعة على اسم المطران جورج خضر، سيّما وأنّ المكتبة تحتوي قسمًا من مكتبته في دار المطرانيّة في برمّانا، والتي طالعها مرارًا وتكرارًا خلال عقود خدمته الكهنوتيّة فالأسقفيّة.
في هذه المناسبة، يهمّني أن أتوقّف عند أهمّيّة الكتاب، على ضوء ما جاء في كلمة قدس الأرشمندريت جورج (صافيتي)، إذ يشعر القارئ بالامتنان والشكر لهؤلاء المؤلِّفين والكتّاب ويذكر فضلهم عليه. فالغاية من اقتناء الكتاب ليس لنصمده ولكن لنزيد علمًا وثقافة ومعرفة نستقيها من مصادرها وندرسها ونعمل عليها ونتعلّم منها ثمّ نعطيها بدورنا. هذا العمل عظيمٌ جدًّا.
أريد أن أشكر باسمكم جميعًا قدس الأرشمندريت جورج الصافيتي على الجهد الذي بذله، فقد سعى ليل نهار من أجل بلوغ هذا اليوم. ولكونه يؤمن بالكتاب وبالمعرفة ويحبّ توفيرهما لسواه، لذا تحتضن اليوم هذه المكتبة ليس فقط قسمًا من مكتبة المطران جورج بل كامل مكتبة الأرشمندريت جورج أيضًا، وذلك رغبة منه بالحفاظ على ثقافة منطقتنا وتراثها ولغتها. هذا لأنّه محبّ وكريم ويبذل ذاته. هلّا تنعّمنا اليوم بهذه المحطّة، على أن تكون محطّتنا التالية أن نسعى بدورنا إلى أن نستفيد من هذه الفرصة التي أرادها الأرشمندريت جورج لنا جميعًا ولكلّ إنسان راغب في المعرفة.
ويهمّني أن أتوقّف عند وجه آخر لهذا الاحتفال، لمناسبة الاحتفال بالذكرى الحادية والثمانين لتأسيس حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة، وأقصد بذلك مركز البترون العزيز، والذي لا أرى في شهادته سوى النور، النور الذي أتى من الأوّلين واليوم يحملون بدورهم مشعل الرسالة والدعوة، ليس بخجل أو خوف أو ضعف، بل بمحبّة ورصانة وحركة معطاءة مدهشة. هذا يأخذني إلى داود الملك لـمّا كان فتى وصارع جليات، فلا يمكن أن يُنظر إليه على أساس حجمه أو إمكانيّاته أو عمره، بل على أساس قوّة إيمانه ورجائه واستعداده لبذل ذاته. أعطى نفسه إلى اللَّه، واللَّه أعطاه الحكمة فصار عظيمًا.
من هنا، أتمنّى على هذا المركز الاستمرار في العطاء، وبخاصّة على الذين ما زالوا في هذا البلد وفي رعايانا. وجدتُ فيكم جميع علامات الرجاء، وسمعتُ شجونكم وعاينتُ آثاركم الجميلة في ما بينكم، سابقًا وحاضرًا، وسعيكم ورغبتكم وتضحيتكم. أشجّعكم على أن تستمرّوا في سعيكم. هذا ما سمعتُه أيضًا في كلمة رئيسة المركز: «أن نستمرّ ونزرع...»، على ضوء المثل القائل: «خرج الزارع ليزرع...»، على الرجاء أن يكون الحصاد وفيرًا.
بالحقيقة، هذه الكلمة تحمل النور. يحاول المرء أن يزرع الكلمة من نور الإنجيل ومن نور المسيح، من دون أن يكلّ في خدمته، في أيّ مكان أو زمان، في شحّ أو غنى، في تجاوب كبير أو قليل، في بذل محدود أو كلّيّ، مثابرًا على الدوام، على هدي ما ننشد: «أنا للمسيح ولستُ أبالي». ليست الكمّيّة أو العدد ما يهمّ، بل هذه الكلمة التي نحملها. هذه الكلمة هي الأساس في عيد المركز السابع والثلاثين، ولمسنا ذلك مع الأرشمندريت جورج بما زرع وبما أعطانا، ليس فقط هذه المكتبة والقاعة بل أنتم أيضًا. فالنور كامن فيكم. ألم يقل الكتاب: «أنتم نور العالم؟».
بعد هذه المقدّمة، أنتقل إلى صلب لقائنا اليوم. ففي الصوم الكبير عقدتُ العزم على أن أقوم بالتعريف عن المغبوط الذكر الأرشمندريت إلياس مرقس، رئيس دير القدّيس جاورجيوس – دير الحرف، مستفيدًا من استفقادي لرعايا الأبرشيّة والمشاركة في خدمها الإلهيّة. لكنّي اليوم أجد من المناسب إدخال تعديل على هذا البرنامج بحيث أتحدّث ليس فقط عن الأب إلياس (بركة صلاته تكون معنا)، بل وعن صاحب السيادة المتروبوليت جاورجيوس (أطال اللَّه عمره)، لكوني أرى فيهما نموذج القطار الذي يسير على سكّتَين. فهما الاثنان قطار واحد، كنيسة واحدة، حركة واحدة، عطاء واحد، وعطيّة واحدة، وكلّ منهما يسير على طرف من هذه السكّة بينما الآخر على الطرف الموازي له، فيستند القطار إليهما في سيره.
لقد تشاركا البداءة، أي ظروف تكريسهما. ابتدآ معًا، فهما راهبان، وإن سار كلّ منهما في اتّجاه مختلف بعد ذلك. أراد المطران جورج في بدء طريق التكريس أن يكون راهبًا. ها قد أعطاه الربّ الآن أن يحقّق هذه النيّة في شيخوخته. فهو يعيش في قلّايته في دار المطرانيّة، وليس لديه ما يشغله سوى كلمة اللَّه والصلاة، من دون أن تشغله الأخبار العالميّة. هو بالعمق راهب، كما انكشف لي خلال فترة رعايتي للأبرشيّة، منذ أربع سنوات ونصف السنة. يهذّ بكلمة اللَّه والصلاة على الدوام، يسبّحه ويطلب رحمته لنفسه ولكلّ المؤمنين، مردّدًا المزامير، حتّى في الليل. أراد أن يكون راهبًا في مطلع شبابه، لكنّ الكنيسة أرادت له خدمة أخرى، فانتشلته من دير القدّيس جاورجيوس - دير الحرف وقادته إلى رعاية الخراف الناطقة وخدمتهم.
الوجه المميِّز لهذَين الرجلَين، المطران جورج والأرشمندريت إلياس، أنّهما يتشاركان في قوّة تكريس نفسَيهما للَّه وسعيهما في بذلها كلّيًّا للَّه، لوجهه هو دون سواه. كرّس كلّ منهما ذاته في خدمة الكنيسة بطريقة مختلفة فتميّزا معًا بمزايا مشتركة. فما هي؟
الميزة الأولى هي محبّتهما للمسيح. لم يجذبْـهما شيء في هذا العالم سوى محبّة المسيح وإن كانا شخصَين متعلّمَين كثيرّا وذوي معرفة واسعة جدًّا، سواء المعرفة الروحيّة أو الدنيويّة. لم يطرقا مجالًا إلّا ليلاقيا فيه وجه اللَّه. كم كانت الأبواب مغلقة في هذا الاتّجاه، لكنّهما طرقاها وانفتحت لهما وأبرزا فيها وجه يسوع.
الميزة الثانية هي الاجتهاد. بالفعل، لم تنفتح الأبواب لهما بمجرّد حدوث «عجيبة»، بل بدافع مثابرة واجتهاد متواصل طيلة حياتهما. كان الاجتهاد محرّكهما الدائم. بحثا ليعرفا إيمانهما. تعبا لكي يجدا الحقيقة. طلباها بجدّ وسعيّ وتعب كثير، في سعي مع اللَّه والذات ولدى أصحاب الخبرة والاختصاص والمعرفة. أظهرا جزءًا مـمّا وصلا إليه، بما يبني كنيسة المسيح وأعضاء جسده وشهادة هؤلاء بين أترابهم. عرفا يسوع ونقلاه إلينا، لكونهما أحبّاه وأحبّا الذين يحبّهم.
الميزة الثالثة هي الفقر. هذا نلاحظه بسرعة في ظروف إقامته في دار المطرانيّة في برمّانا، الأمر الذي أدّى إلى إنشاء مكتبة على اسمه في هذا الدير. فمكان إقامته وخدمته كان ضيّقًا لدرجة لا يلبّي حاجات الخدمة، لكنّه المكان الذي فيه رعى الأبرشيّة وحاجات الكنيسة. أمّا وجه الفقر عند المطران جورج والأب الياس فيتميّز بالوجهَين، الخارجيّ والداخليّ، لأنّ كفايتهما كانت تأتيهما من المسيح ومحبّتهما له. اشتهيا المسيح ووضعا كلّ شيء في خدمته، من دون أن يطلبا شيئًا لنفسَيهما. كان فقرهما من روح الفقر الذي أوصى به الربّ: «طوبى للفقراء بالروح...». بنتيجة هذا الفقر الطوعيّ، تركا اللَّه يتكلّم فيهما ويعزّي بواسطتهما. تشارك كلاهما في نتيجة هذا الفقر، ألا وهي التعزية التي حصل عليها الآخرون سواء في لقاء شخصيّ أو ضمن حياة الجماعة أو في الكنيسة بعامّة أو على صعيد في المجتمع كلّه، إذ كان لكلّ منهما إطلالته المختلفة في بيئته ومحيطه الضيّق والواسع.
الميزة الرابعة هي الجدّة. تشاركا بالتميّز والفرادة في شخصَيهما بنتيجة الحيويّة التي تمتّعا بها، وقد تجلّت حيويّتهما بالجدّيّة والجدَّة فحافظا عليها طيلة حياتهما. ولكن الكلام عن الجدّة التي تميّزهما يقودنا إلى الحديث عن معرفتهما لباطن الإنسان، لواقع سقوطه، ولكن يحدوهما الرجاء لواقع تجلّيه بنعمة اللَّه. ها مقالات المطران جورج تشرِّح الإنسان من الداخل وتعرفه في رذالته وفراغه، في فساده وريائه، وتسلّط الضوء على الواقع التاريخيّ والحضاريّ والإنسانيّ كلّه من دون أن يغفل منه شيئًا. صحيح أنّه يفتكر فيه ويتأمّل ويعرض علينا ثمار هذا التفكّر، ولكنّه بقي قائمًا في نضارة النظر إلى المسيح ليشدّنا إليه، بحيث تكون حياتنا الشخصيّة أو حياتنا المشتركة قائمة في نور اللَّه. عرف المطران جورج أن ينحت أمامنا الحقيقة ويحفرها لتبقى ماثلة في ضميرنا ووعينا ووجداننا، تمامًا كما كان الأب إلياس يحفر ليثبّت أساسات كياننا على الصخرة التي هي المسيح. حقًّا برع الاثنان في حفر الأساسات الإنجيليّة وسعيا إلى أن يضعا كلمة اللَّه في عمق بناء شخصيّتنا وخدمتنا وشهادتنا.
إذا أخذنا كتاب الأب إلياس مرقس «خواطر في الكتاب المقدّس»، نراه معجونًا بالكتاب المقدّس وتقليد الكنيسة وحياتها الليتورجيّة والصلاتيّة. أبحر إلى العمق حتّى غاص في أكثر الأعماق ظلمة فعرف أن يخاطب الإنسان فيها، لا سيّما في عمق خوفه وتردّده وشكّه وصغر نفسه، تلك الأماكن التي يستصعب على المرء بنفسه أن يلامسها ويقاربها ويعالجها علاجًا شافيًا. جعل من هذه الأماكن الموجعة فرصة ذهبيّة للانطلاق، عساها تتحوّل إلى فرصة للقاء اللَّه والاعتماد عليه والإيمان به من كلّ القلب.
جدّ المطران جورج في الاتّجاه نفسه، في الكتاب المقدّس وحياة الكنيسة وشجونها وشجون العالم، فكان مثل كوكب الصبح الذي يتحدّث عنه الكتاب، حاضرًا عبر كلمته التي كانت تضيء إلى أبعد من محيطه الضيّق أو خدمته الكنسيّة. أضاء على مدى الإنسان الذي يريد أن يسمع ويقرأ، بالأخصّ أولئك الذين أرادوا أن يجدوا كلمة حياة لهم ولبلدهم، وأن تبقى لهم زادًا لعشرات السنين.
الميزة الخامسة هي التمحيص. هذا كنتيجة لما سبق قوله، والمقصود به أنّهما يمحّصان الأشياء، ولا تمرّ الأمور أمامهما مرورًا عابرًا، بل يتوقّفان عندها ويتأمّلان فيها وفي مدلولاتها، سواء كانت أحداثًا سياسيّة أو معيشيّة أو اجتماعيّة أو إنسانيّة، أو واقعًا شخصيًّا أو عائليًّا، يمحّصانها ليرياها في النور. هذا يمكنني فهمه لكوني صادفتُ خادمًا محبًّا للمسيح كان يرى كلّ شيء في نور المسيح، والمقصود كلّ ما يعترضنا في الحياة، ويسلّط عليها نور المسيح. على هذا النحو كانت مقالات المطران جورج الأسبوعيّة التي كانت تنشرها إحدى الصحف اللبنانيّة. مواضيعها تلامس كلّ جوانب الحياة من دون استثناء، وهي نابعة من ذهن وقلب مفكّر مؤمن مدرك لها في واقعيّتها وحقيقتها، ويأتي بها إلى النور ويأتينا بها إلى النور.
أمّا الأب الياس فخاطب الإنسان ليس من منطلق مَن يحمل نير رئاسة الكهنوت، بل نير مَن تخلّى عن كلّ شيء حتّى اتّحدت نفسه بكلّ إنسان، فخاطبنا من هذا المكان، وشدّ النفوس إلى جدّة المسيح. محّص نفسه في بوتقة التوحّد إلى اللَّه، قبل أن يدعونا إلى تمحيص ذواتنا على أساس الإنجيل، فصارت كلمة اللَّه مضيئة لـمَن طلبها على يده.
الميزة السادسة هي تلازم وجهي الفرح والحزن لديهما. هما الوجهان اللذَان لا يفترقان عن بعضهما البعض في حياة الكنيسة وحياتنا الروحيّة. هذا نعرفه في شهادة المسيح، وحياة الرسل والآباء والقدّيسين، وفي حياتنا اليوم. فكلّ مَن يخدم المسيح يعيش هذَين الوجهَين، فلا يعيش الواحد دون الآخر، فيتعزّى بوجه ويتعلّم من الوجه الآخر، فيكوّن معرفة وخبرة ويزداد في الحكمة إلى أن يبلغ المكان الأصعب في حياتنا المسيحيّة والذي يُدعى «الصبر». بالفعل، المطران جورج والأب الياس هما جبّاران في الصبر والاحتمال وحمل أثقال المسيح، على حسب القول: «احملوا بعضكم أثقال بعض». تميّزا بأنّهما يرفعان الأحمال وليس للإعراض عنها. فما تهرّبا من هذه المسؤوليّة أو الخدمة على الإطلاق، مهما بلغت أتعاب الآخرين. تجنّدا لها وسعيا إلى أن يجدا الطريقة الفضلى لحمل أثقال الآخرين ويعلّما سواهما ليتجنّدوا بدورهم لمثل هذه الخدمة.
وما تعييدنا اليوم للذكرى الحادية والثمانين لتأسيس حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة إلّا لأنّنا عثرنا بفضلهما على مجموع كلّ ما سبق ذكره إلى الآن. فهما لم يجدا فرحهما إلّا عبر حمل ثقل الرعيّة والكنيسة والدنيا كلّها التي لا تعرف المسيح وعليها أن تعرفه. لم يكونا يجدّان في مهمّات متفرّقة، بل كانا حاملَين قضيّة الإنسان كلّه، وليس أجزاء تخصّه، فحملا قضيّته مع ما يقتضيه ذلك من تلازم وجهَي الفرح والمعاناة، قضيّة أشخاص أو جماعة عليها أن تبلغ برّ الأمان ولم تبلغه بعد.
الميزة السابعة هي الجرأة والشهامة ونبل النفس. هذا عبّرا عنه في تلمذتهما ليسوع تلبية لدعوته: «مَن أراد أن يتبعني فليحملْ صليبه وينكرْ نفسه ويتبعني». أنكرا نفسَيهما ليحملا قضيّة الكنيسة، أي قضيّة الإنسان البعيد عن المسيح وقضية الذي التزم المسيح وقضيّة بلوغه إلى ملء قامة المسيح. هما حاضران في هذه «الأزمنة» الروحيّة الثلاثة وخادمان لتكون الكنيسة لهؤلاء جميعًا بقصد أن يتجلّوا في نور اللَّه، الأمر الذي لن يرياه إلّا في ملكوت السماوات.
نعم حملا الصليب حبًّا بالإنسان الذي خدماه، فتألّما بصدق من أجله كثيرًا وحملا الآلام بصبر كبير، ومع الصبر الرجاء. والحقّ يُقال إنّ شمعة الرجاء عند المطران جورج والأب إلياس لم تنطفئ، وإيمانهما بالمسيح طاهر نقيّ، من دون تقلّب وتقلقل. وإن بلغا شيخوخة متقدّمة. ثابرا حتّى النهاية، الأمر الذي يسكب في نفوسنا الاطمئنان إلى شهادتهما، فنتعلّم منهما أن نواجه الحياة ونواجه أنفسنا بما رأيناه في مثالهما، فتبقى في داخلنا شمعة الإيمان مضيئة على الدوام.
الإنسان ينسى! والمثل معروف: قريب من العين قريب من القلب، والبعيد عن العين بعيد عن القلب. نحن ننسى الآخر، حتّى الذين نحبّهم، وعلينا أن نتغلّب على النسيان. هذا ممكن إن حفظنا الامتنان والفضل لهم عبر الزمن. هذا ممكن بالصلاة واشتراكنا في سرّ الشكر الإلهيّ، فنعمة الروح القدس هي التي تنقذنا من هذا النسيان إذ نتعلّم ما نصلّي من أجله: «أن نودع ذواتنا وبعضنا بعضًا وكلّ حياتنا المسيح الإله».
ذكّرتنا مسؤولة مركز البترون بفضل الارشمندريت جورج صافيتي بتأسيس المركز، لأنّ كثيرين من الحاضرين اليوم لم يكونوا موجودين عند التأسيس، بحيث لا ننسب إلى أنفسنا نجاحات وإنجازات، بل نعتبر أنفسنا ركّابًا على السفينة ذاتها مع الذين سبقونا مبحرين إلى أن نصل إلى الميناء، والميناء بالنسبة إلينا جميعنا في الملكوت السماويّ. وأمّا حدث افتتاح المكتبة والتكريم والحديث عن الأب الياس والمطران جورج فهو يدخل في السياق عينه، إذ نتذكّر فضلهما بامتنان وشكر، فيكونا مثالًا لنا يشحذان أفضل ما لدينا: الإيمان والشجاعة والامتنان. ألا حفظ كلّ واحد منّا شمعته مضاءة حتّى النهاية.