1- يتحدّث بعض الأصدقاء، ممّن انضمّوا الى الكنيسة الأرثوذكسيّة، كما لو أنّ التقليد الشريف، فيها، كان ثابتًا منذ البدء، دونما تغيير. أمّا أنت فتتعاطى والتقليد بطريقة أكثر حيويّة.
إنّك محقّ تمامًا في ما يختصّ باعتقادي بحيويّة التقليد. وأستذكر هنا التعريف، الذي أعطاه اللاهوتيّ الأرثوذكسيّ الروسيّ العظيم، فلاديمير لوسكي: «التقليد هو حياة الروح القدس في الكنيسة». جليّ أنّ التقليد هو حياة، وما من صيغة ثابتة، بمعنى الجمود. إنّه أبعد من أن يكون مجرّد كتابات محفوظة في مجلّدات فخمة. التقليد حياة. إنّه حياة المسيح الحاضر في كنيسته، بواسطة الروح القدس. ليس التقليد مجرّد عقائد جامدة، بل هو فهم ذاتيّ ونقد ذاتيّ متواصلان للجماعة المسيحيّة.
2- ما الذي يحفظ هذا الفهم الذاتيّ الديناميكيّ من الانحراف؟
الكتاب المقدّس كما فُهم في الكنيسة، وبواسطتها، عبر القرون. كما إنّنا، إلى جانب الكتاب المقدّس، نحتكم إلى الآباء والقدّيسين، بشكل خاصّ. ليس التقليد مصدرًا ثانيًا إلى جانب الكتاب المقدّس؛ فالكتاب المقدّس، كما فسرّته المجامع المسكونيّة السبعة، هو معياريّ بوضوح، عندنا نحن الأرثوذكس. فعصر الآباء لم يتوقّف في القرن الخامس أو السابع. عندنا قدّيسون في القرن الحاديّ والعشرين مساوون للآباء القدماء.
3- ترك انهيار الشيوعيّة فراغًا كبيرًا، فاندفع زملائي، الإنجيليّون البروتستانت، إلى داخل روسيا، مدفوعين، بحماسة، إلى مساعدة الناس، في تحصيل معرفة أفضل للكتاب المقدّس، بهدف جعلهم يتبنّون إيمانهم شخصيًّا. لماذا ظهرت صعوبة العمل معًا، بين الأرثوذكس والإنجيليّين، في البلدان التي كانت شيوعيّة؟
شعر الأرثوذكسيّون، وما يزالون، باستياء عميق من الأسلوب، كما يرونه، الذي تحرّك فيه الإنجيليّون في المناطق الأرثوذكسيّة. شعورهم هو التالي: تعرضّنا للاضطهاد كفاية، في روسيا، طوال سبعين سنة، وناضلنا لكي نحفظ الإيمان، في ظلّ صعوبات هائلة. والآن وقد توقّف الاضطهاد، أتانا أناس من الغرب، أناس لم يتألّموا قطّ، ولم يعانوا بسبب إيمانهم، كما تألّمنا وعانينا. أتـوا ليسرقوا أناسنا وشعبنا. نشعر كما لو أنّ إخوتنا المسيحيّين قد طعنونا في الظهر. إنّي أبالغ، نوعًا ما، في تصوير الاستياء. لكنّه، في الواقع، شعور عميق وموجود.
في روسيا والبلدان الأخرى التي ذكرتها، ثمّة قناعة راسخة بأنّ هذه البلدان أرض أرثوذكسيّة. هذا ما يُدعى رسميًّا ب«الأقاليم القانونيّة». فالأرثوذكسيّة هي كنيسة الأرض هناك. لذلك فالناس يشعرون بأنّه إذا ما دخل إليها المسيحيّون الآخرون، فإنّما يدخلون ليسرقوا خرافها.
من جهتي، أعلم بأنّ الإنجيليّين ينظرون إلى الأمر بصورة مختلفة. فهم يقولون: «ثمّة بلدان، فيها أعداد غفيرة من البشر، ممّن لا ينتمون إلى الكنيسة بالكلّيّة، ولم تتوفّر لهم، سابقًا، وعلى مدى سبعين سنة، فرصة إقامة علاقة حيّة مع يسوع المسيح، فعلينا أن نساعدهم». لكن ليست هذه هي الطريقة التي ينظر فيها الأرثوذكسيّون، إلى هذه القضيّة. هم يرحّبون بالتعاون، لكنّهم يستاؤون بسبب سرقة أغنامهم.
تعاون الأرثوذكس، بشكل جيّد، دائمًا، مع الواعظ الشهير بيلي غراهام. واستقبله البطريرك الروسيّ، عندما ذهب إلى روسيا، وذلك بأنّه كان يعمل بحسب المبدأ القائل بأنّ الذين، بواسطة تبشيرهم، يقبلون الإيمان، ويطلبون الالتزام بالمسيح، يُسلَّمون إلى كهنة بلادهم ليتابعوا نموّهم المسيحيّ. لم يحاول بيلي غراهام أن يؤسّس جماعات إنجيليّة تزاحم الأرثوذكس في عقر دارهم.
4- كيف تصل الأرثوذكسيّة إلى الناس البعيدين عن الكنيسة، في البلدان التي لم تعرف، قطّ، الأرثوذكسيّة دينًا تاريخيًّا فيها.
كان اهتمامنا في بريطانيا، حتّى وقت متأخّر، مركّزًا على تنمية إمكانيّاتنا الرعويّة، في سبيل خدمة شعبنا. وأقصد أولئك المهاجرين الأرثوذكس، الذين فقدوا ما يربطهم بكنيستهم. وبدأ بناء رعايانا من الصفر: فلم تكن عندنا كنائس، ولا تتوفّر مستلزمات عيش للكهنة. ليس الأمر سهلًا، ومعظم كهنتنا، في بريطانيا، يؤمّن معيشته من ممارسة عمل دنيويّ، لأنّ الرعايا غير قادرة على تأمين معيشة الكاهن المتفرّغ. نحتاج إلى المزيد من تفعيل إرساليّاتنا الداخليّة، قبل أن نصل إلى الآخرين.
كما إنّنا، نحن الأرثوذكسيّين، ضدّ الاقتناص، بالتأكيد، وأعني بكلامي أنّنا نرفض الدعاية السلبيّة الموجَّهة إلى مؤمني الكنائس الأخرى، أي انتقاد ومهاجمة ما يؤمنون به. فليست هي طريقة المسيح. ثمّة فرق كبير بين الاقتناص والأنجلة (إيصال بشارة الإنجيل).
ما نزال، كأرثوذكسيّين، نتطلّع إلى الداخل؛ حيث يجب أن نتحقّق من أنّنا نملك رسالة سيستمع الناس إليها بسعادة. لا أرى تبشيرنا موجَّهًا، في الدرجة الأولى، إلى أعضاء من كنائس أخرى، بل إلى من هم بعيدون عن الكنيسة أو خارجها، وهم كثر جدًّا في بريطانيا.
من جهتي، أؤمن بأنّ القدّاس الإلهيّ هو الشهادة البشاريّة الأهمّ عندنا. إنّه المصدر المُحيي، الذي ينبثق كلّ شيء منه. لذلك أقول للذين يُبدون اهتمامًا بالأرثوذكسيّة: «تعال وانظر. تعال إلى الليتورجيا». فالأمر الأوّل اللازم لهم، هو أن يدخلوا في خبرة الأرثوذكسيّة، باعتبارها جماعة عابدة. نبدأ من الصلاة، لا من إيديولوجيا نظريّة تجريديّة، ولا من قواعد أخلاقيّة، بل من الرابط الحيّ بالمسيح، ذاك المَعَبَّر عنه بالليتورجيا.
5- بخصوص الذين هم خارج الكنيسة، تتبع الكنائس الإنجيليّة، عمومًا، سياسة حجب ما قد يبدو، لهم، سرّيًّا أو غريبًا في الإيمان. لكنّك عندما تدعوهم إلى القدّاس الإلهيّ، فإنّك تضعهم، وجهًا بوجه، أمام قمّة العبادة، المفعمة بالرمزيّة الغريبة والكلمات غير المألوفة.
نعم، دعهم يفهمون ما يعطيهم اللَّه أن يفهموه. إرمِهم في أعمق وأبعد نقطة من بركة السباحة، وانظر ما يحدث. هذه مقاربة أرثوذكسيّة أساسيّة عندنا. لا أريد أن أقدّم لهم نسخة ضحلة من الأرثوذكسيّة. القواعد المسيحيّة لعلاقتنا باللَّه بسيطة جدًّا. ولأنّها بسيطة، فهي غالبًا ما تكون صعبة على الفهم.
من ناحية أخرى، يجب ألّا نرتضي بالحدّ الأدنى. يجب أن نقدّم للبشر ملء الإيمان، بكلّ تنوّعه وعمقه. أرغب في أن يدخل الذين يأتون إلى القدّاس الإلهيّ الأرثوذكسيّ، في اختبار أنّهم لا يفهمون كلّ شيء، من المرّة الأولى. آمل، بالحريّ، أن يختبروا السرّ، وحسّ التعجب والاندهاش. إذا فقدنا هذا الحسّ من عبادتنا، فإنّنا نفقد شيئًا ثمينًا جدًّا. ثمّة تعبير سيّئ للسرّ، وهو إخفاؤه. لكن، ثمّة حسّ صالح وجيّد للسرّ، وهو أن نتحقّق من أنّنا، في عبادتنا، في تواصل مع المتسامي، مع ذاك الذي يتجاوز البعد العقلانيّ. آمل في أن تنقل عبادتنا هذا الحسّ بالسرّ الحيّ والمرتبط، كلّيًّا، بخبرة شخصيّة المسيح.
6- تتحدّث عن ملء الإيمان المختَبَر في القدّاس الإلهيّ. أمّا الإنجيليّون البروتستانت، ومن بدء الإصلاح، مع حركة الإحياء الويسليّة(٢)، وهم توّاقون إلى بلورة الرسالة والخدمة المركزيّين للإيمان المسيحيّ. نحتاج إلى مساعدة الناس من أجل أن يروا قلب الإيمان وملأه. طلب منّي أحد الذين تكلّمت معهم، قبل إجراء هذه المقابلة، أن أسألك عمّا إذا ما كان الملء يُظلِم المركز أحيانًا ويطغى عليه.
أوافق على أنّنا نريد المركز والملء معًا. ثمّة طريقة في إظهار الأرثوذكسيّة، وكأنّها تبدو كثيرة التعقيد. نحن الأرثوذكس نملك ميراثًا غنيًّا، قد يشكّل حملًا ثقيلًا، إذا لم نمسك به بصورة صحيحة. ولكنّي أؤمن، بالتأكيد، بأنّ الأرثوذكسيّة مسيحيّةٌ بسيطة - لا طقوسيّة بيزنطيّة معقّدة، بل مسيحيّة بسيطة. عندما ابتدأت بالاحتكاك بالكنيسة الأرثوذكسيّة، تأثّرت، بشدّة، بالموسيقى والأيقونات وتعبيرات الليتورجيا إجمالًا. لكنّني لم أصبح أرثوذكسيًّا بسببها، بل لأنّني شعرت بأنّ المسيحيّة بسيطة.
7- لو قابلتك في القطار وسألتك: «ما هو قلب الرسالة المسيحيّة؟». فكيف كنت لتصوغ الجواب باقتضاب؟
كنت لأجبتك: «أؤمن باللَّه الذي يحبّ الجنس البشريّ، بكثافة وبالكلّيّة، حتّى إنّه ارتضى أن يصير إنسانًا. لذلك فأنا أؤمن بيسوع المسيح الإله الكامل والحقّ، لكنّه أيضًا، وبالكلّيّة ومن دون أيّ تحفّظ، إنسان مثلنا». ولكنت أقول لك: «إنّ محبّة اللَّه عظيمة، إلى درجة أنّ المسيح مات على الصليب من أجلنا. لكن الحبّ أقوى من الموت، ولذلك تبعت قيامةُ المسيح موتَه. أنا مسيحيّ لأنّني أؤمن بأنّ محبّة اللَّه العظيمة، هي التي قادته إلى أن يتجسّد ويموت ويقوم ثانية». وأنّ هذا كلّه يصير لنا، مباشرة، بواسطة عمل الروح القدس المتواصل.
8- يوافق الإنجيليّون على ما قلته بالضبط. لكنّنا بخصوص ما حدث على الصليب، وما يحدث عندما يعتنق المؤمن الإيمان بما حدث على الصليب، ننحو إلى استخدام تعابير ذات طابع حقوقيّ. فنستعير التعابير، مجازيًّا، من محاكمة بولس الرسول. كيف ينظر الشرق المسيحيّ إلى هذا الأمر؟
إنّه لصحيح، أنّنا، كأرثوذكس، عمومًا، لا نقارب الأمر بمفاهيم حقوقيّة، ومن المؤكّد أيضًا أنّنا لا نشدّد على اللغة القانونيّة.
نحن نفضّل صورة المسيح المنتصر على الموت، فالحبّ أقوى من الموت؛ ونفضّل ذاك الانتصار الذي نحسّه، في خدمة الفصح الليليّة، في الكنيسة الأرثوذكسيّة، عندما لا نملّ من ترداد ترتيلة: «المسيح قام من بين الأموات، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور». هذه هي الصورة التي نراها في عمل المسيح، والتي نشدّد عليها بشكل رئيس.
لكن، من المؤكّد أنّ صورًا عديدة أخرى توجد في العهد الجديد. ما من صورة واحدة معياريّة لعمل الكفّارة الذي تمّمه المسيح. علينا استخدام جميع هذه الصور. نعم، فهكذا نجد مكانًا لنظريّة التعويض، التي لا تشدّد عليها الكنيسة الأرثوذكسيّة كثيرًا.
جاء في العهد الجديد، في 2كورنثوس 5/21: «لأنّ الذي ما عرف الخطيئة جعله اللَّه خطيئة من أجلنا، لنصير به أبرارًا عند اللَّه». إنّ نظرية الحَمَل الذبيح، هي صورة كتابيّة (بيبليّة) أساسيّة أيضًا. علينا استخدام هذه الصور مع صورة المسيح المنتصر. لا أعطي اهتمامًا لنظريّة الترضية. فالترضية ليست كلمة كتابيّة. والتصوير القانونيّ، على ما أعتقد، يجب أن يقترن، دائمًا، بالتشديد على قوّة المحبّة المتجلّية (من حدث التجلّي). ما كانت عدالة اللَّه أو مجده الدافع إلى التجسّد، بل محبّته. محبّـته هي الدافع الأقوى. «هكذا أحبّ اللَّه العالم». من هنا يجب أن نبدأ.
9- تكلّمنا على أنجلة العالم. لماذا لم يعمل الأرثوذكس في هذا الحقل كثيرًا؟
يبدو أنّك لست على معرفة كافية بالأرثوذكس. فمنذ القرن التاسع حمل الأرثوذكس على عاتقهم رسالة تبشيريّة هائلة للشعوب السلافيّة: بلغاريا، صربيا، روسيا. كانوا، في تلك الفترة، كالكنيسة الغربيّة، حيويّين في العمل التبشيريّ. لكن، علينا الأخذ بالحسبان تأثّر وجودهم تحت الحكم الإسلاميّ، الذي يحرّم كلّيًّا، وتحت طائلة الموت، أيّ عمل من أعمال التبشير. حافظ المسيحيّون على استمرارهم، في ظلّ الإسلام، بالعمل الدؤوب على تأمين الاكتفاء الذاتيّ لجماعتهم، لأنّ محاولة هدي مسلم واحد إلى الإيمان المسيحيّ، كانت تقود إلى الحكم بالموت مباشرة. لهذا، من الطبيعيّ ألّا يستطيع الأرثوذكس القيام بعمل تبشيريّ ملحوظ. في القرن التاسع عشر، وُجدت إرساليّات روسيّة في الصين واليابان وكوريا، وبين القبائل الإسلاميّة، الموجودة على أراضي الأمبراطوريّة الروسيّة. ثمّ أتت الشيوعيّة وجعلت العمل التبشيريّ مستحيلًا.
علينا، كأرثوذكس، أن نعمل أكثر بكثير ممّا نعمله الآن، في هذا الحقل. لكن، ثمّة دور مهمّ للأوضاع التاريخيّة. فالغرب، خلال القرون الخمسة الأخيرة، كان مهيمنًا وغنيًّا ومؤثّرًا واستعماريًّا وتوسعيًّا. ما جعل العمل الإرساليّ أكثر سهولة. أمّا الشرق، باستثناء روسيا، ولمدى محدّد، فلم تتوفّر له أيّ من هذه الامتيازات.
10- ماذا عن العدالة الاجتماعيّة – كيف يمارسها الأرثوذكس؟
ثمّة سجال عظيم في أوساط الأرثوذكس لفعل ما هو أكثر. قامت الكنيسة الروسيّة في السنوات الأخيرة بجهود رفيعة ونبيلة. ففي مجمع محلّيّ لها في العام 2000، وفي ما بعد في العام 2006، أنتجت الكنيسة الروسيّة وثائق مهمّة على هذا الصعيد.
يشكّل هذا الجهد البدء. في الغرب علينا أن نطوّر شهادتنا الاجتماعيّة. يوجد، في قلب الأرثوذكسيّة، تقليدُ تحنّنٍ على الفقراء والبائسين والمتألّمين قويّ جـدًّا. هذا تراه في الكثير من سـير القـدّيسين. لكنّه، في غالبيّته، يقتصر على دور الفرد، فحسب، في مساعدة الذين هم في الشدائد والعوز. ليس من مجهود كافٍ تمّ، بين الأرثوذكس، في مجال التساؤل حـول بُنى اللاعـدالة الاجتمـاعيّة الموجودة في البلدان الأرثوذكسيّة، والتي توجد الآن في العالم الغربيّ.
11- ياروسلاف بيليكان لاهوتيّ ومؤرّخ مهمّ، صار أرثوذكسيًّا، في أخر حياته، وقال لي مرّة: «أنتم الإنجيليّون تتكلّمون بشكل زائد عن اللزوم، على يسوع، ولا تصرفون وقتًا كافيًا على الثالوث القدّوس». هل بإمكان أحدهم أن يتكلّم بشكل زائد على يسوع؟
لا أريد أن أقيم تعارضًا بين الإيمان بيسوع والإيمان بالثالوث القدّوس. فإيماني بيسوع هو، بالضبط، أن أؤمن بأنّه ليس إنسانًا حقًّا فقط، بل ابن اللَّه الأزليّ أيضًا. لا أستطيع أن أفكّر بالإيمان بيسوع ولا أفكّر، أيضًا، بالإيمان باللَّه الآب.كيف يكون يسوع حاضرًا فينا شخصيًّا، في هذه اللحظة؟ كيف لا يكون صورة من الماضي البعيد وحسب، بل يعيش في حياتي على الدوام؟ هذا يتمّ بالروح القدس. لذلك لا أستطيع الإيمان بيسوع المسيح من دون الإيمان بالروح القدس. لا أعتقد بأنّنا قادرون على أن نمتلك إيمانًا زائدًا عن اللزوم بيسوع. نحن نؤمن بيسوع الثالوثيّ بالضرورة، إذا صحّ التعبير. إذا ما قرأت سِيَر القدّيسين الأرثوذكس، ستجد إيمانًا حيًّا جدًّا بيسوع. وستلاحظ أنّ تأكيدهم على الثالوث القدّوس لم يقلّل، ولا بأيّ طريقة، من حسّهم بيسوع مخلّصًا شخصيًّا.