ترفض الكنيسة قطعًا استخدام وسائل علاج الأجنّة، أي أن يتمّ إجهاض الجنين خلال مختلف مراحل نموّه في محاولةٍ لعلاج بعض الأمراض و«تجديد» عضو ما. تندّد الكنيسة بالإجهاض باعتباره خطيئة رئيسة، ولا تبرّر هذه العمليّة بأيّ حجّةٍ حتّى ولو بإمكان أي شخصٍ الاستفادة من إنهاء حياةٍ أخرى. فالمساهمة الحتميّة بانتشار الإجهاض على نطاقٍ واسعٍ والترويج له يجعلان منه جريمة، حتّى ولو أثبتت نجاعته الفرضيّة علميًّا.
فرضت عمليّة استئصال الأعضاء البشريّة الملائمة للزرع ولتطوير العناية المركّزة وللعلاج، مشكلة التحقّق من ساعة الوفاة. كان المعيار المعتمد سابقًا هو توقّف التنفّس والدورة الدمويّة نهائيًّا. لكن وبفضل تطوّر تكنولوجيّات العناية المركّزة أضحى من الممكن دعم هذه الوظائف الأساسيّة اصطناعيًّا لوقتٍ طويل. وتاليًا، تحوّل الموت إلى مرحلةٍ ترتبط بقرار الطبيب ما يولي الطبّ الحديث مسؤوليّةً هائلة. يعتبر الكتاب المقدّس الموت على أنّه انفصال الروح عن الجسد (مزمور146 :4، لوقا 12 :20). لذلك، لا نتحدّث عن استمراريّة الحياة إلّا إذا كان الجسم حيًّا بكامله. لا يمكننا أن نسلّم بأنّ إطالة الحياة بوسائل اصطناعيّة أمر إلزاميّ أو خطوة يحبّذها الطاقم الطبّيّ، مع العلم أنّ هذه الخطوة تبقي بعضًا من الأعضاء حيّة. قد تطيل أيّ محاولة لتأجيل موت المريض من عذابه وتحرمه من الحقّ في «موتٍ لائقٍ ومسالمٍ»، وهذا ما نتضرّع له أمام اللَّه في الليتورجيا الأرثوذكسيّة. عندما تصبح خدمة وحدة العناية المركّزة غير مجدية، ينصح بنقل المريض إلى العناية الملطّفة (منها التنويم وتقديم الرعاية التمريضيّة والاجتماعيّة والنفسيّة) وتوفير العناية الرعويّة. تهدف هذه التدابير إلى ضمان إنهاء الحياة بالرحمة والمحبّة.
الموت اللائق
ينطوي المفهوم الأرثوذكسيّ للموت اللائق على التحضير لفناء الحياة، ما يعتبر مرحلةً بالغة الأهمّيّة على الصعيد الروحيّ في حياة البشر. قد يختبر المريض المحاط بالعناية المسيحيّة في آخر أيّام حياته على الأرض، تغييرًا مباركًا يعود مصدره إلى تفكير المريض برحلته الأرضيّة بطريقةٍ مغايرة والتوبة عن ترقّب الأبديّة. تتحوّل فرصة اهتمام الأقارب والأطبّاء بالمريض عندئذٍ، إلى فرصةٍ لخدمة الربّ نفسه. ويقول المخلّص: «الحقّ أقول لكم: بما أنّكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي فعلتم». (متّى 25: 40). غالبًا ما تحرم محاولة إخفاء حالة المرض الحرجة عن المريض الذي يخوض الموت بحجّة عدم إحباطه، من فرصة تحضّره للموت وإيجاد العزاء عبر المشاركة في أسرار الكنيسة. قد يفقد المريض ثقته أيضًا بالأقارب والأطبّاء.
الموت الرحيم
ليس من الممكن دائمًا تخفيف آلام الاحتضار بالأدوية المخدّرة. ولأنّ الكنيسة تعي هذه الحقيقة، فهي تتضرّع الى اللَّه بالصلاة: «خلّص عبدك من هذه الشدّة التي لا تطاق ومن المرض الشديد المستحوذ عليه وأرحه حيث أرواح الصدّيقين لأنّك أنت هو راحة نفوسنا وأجسادنا». (من كتاب خدم الكاهن: إفشين للنفس إذا تعذّر خروجها). «الربّ يميت ويحيي. يهبط إلى الهاوية ويصعد». (1صموئيل 2: 6). «الذي بيده نفس كلّ حيٍّ وروح كلّ البشر». (أيّوب 12:10). لذلك، لا تتقبّل الكنيسة من الناحية الأخلاقيّة تشريع المحاولة الرائجة باللجوء إلى الموت الرحيم، وهو ما يعرف بتدمير حياة المريض الميؤوس منه عمدًا (وبإرادة المريض الشخصيّة). فهي تبقى أمينة لكلام اللَّه: «لا تقتل» (خروج20: 13). ويدفع الاكتئاب المريض أحيانًا إلى طلب تعجيل موته ما يعرقل تشخيصه الذاتيّ الصحيح لحالته. قد يؤدّي تشريع الموت الرحيم إلى التقليل من شأن كرامة مهنة الطبيب المحترف وفسادها لأنّ الطبيب يعمل لإبقاء المريض حيًّا وليس العكس. من السهل جدًّا أن يتحوّل «الحقّ في الموت» إلى تهديدٍ لحياة المريض الذي لا يمتلك النفاذ إلى العلاج بسبب النقص في التمويل.
وعليه، يعدّ الموت الرحيم شكلًا من أشكال القتل والانتحار، وذلك إذا كان المريض قد شارك في عمليّة القتل أم لا. وإن كان شريكًا في العمليّة سيكون من الخطأة لأنّه عمد إلى الانتحار ولأنّ الموت الرحيم يعتبر خطيئةً كبيرةً بحسب قانون الكنيسة. فيحرم مرتكب الانتحار المتعمّد الذي أقدم على هذا الفعل «بسبب استيائه البشريّ أو بسبب لحظة خوفٍ» من الجنازة المسيحيّة أو ذكرانيّة الموتى (تيموثاوس الإسكندريّ، القانون 14). إن كان الانتحار قد ارتكب من دون وعي الضحيّة، أي إذا كانت تعاني مرضًا نفسيًّا ، تؤذن الكنيسة بالصلاة للضحية بعد إجراء تحقيقٍ بالقضيّة من قبل المطران الحاكم. في الوقت عينه، يتحتّم علينا أن نتذكّر أنّ محيط ضحيّة الانتحار يلام في بعض الأحيان لأنّه عجز عن توفير الشفقة والرحمة الفاعلتين للضحيّة. تدعونا الكنيسة والقدّيس بولس الرسول إلى: «احملوا بعضكم أثقال بعضٍ، وهكذا تمّموا ناموس المسيح». (غلاطية 6: 2).
العلاقات المثليّة
يندّد الكتاب المقدّس وتعاليم الكنيسة بالعلاقات المثليّة على نحوٍ صريحٍ، ذلك بأنّها تشوّه بشكلٍ شنيعٍ الطبيعة البشريّة التي خلقها اللَّه. «وإذا اضطجع رجل مع ذكرٍ اضطجاع امرأةٍ، فقد فعلا كلاهما رجسًا. إنّهما يقتلان. دمهما عليهما». (لاويّين20: 13). يحكى في الإنجيل عن عقابٍ قاسٍ أنزله اللَّه على أهل سدوم بسبب خطيئة سدوم (تكوين 19:1- 19). وعندما تحدّث بولس الرسول عن أخلاق الوثنيّين ذكر أنّ العلاقات المثليّة هي من بين «الأعمال الأكثر دناءةً» و«فجورًا» التي تدنّس الجسد: «إنّ إناثهم استبدلن الاستعمال الطبيعيّ بالذي على خلاف الطبيعة، وكذلك الذكور أيضًا تاركين استعمال الأنثى الطبيعيّ، اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعضٍ، فاعلين الفحشاء ذكورًا بذكورٍ، ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم المحقّ». (رومية 1: 26- 27). كما كـتب بولس الرسول إلى أهل كورنثوس: «أما لستم تعلمون أنّ الظالمين لا يرثون ملكوت اللَّه؟ لا تضلّوا: لا زناة ولا عبدة أوثانٍ ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكورٍ، ولا سارقون ولا طمّاعون ولا سكّيرون ولا شتّامون ولا خاطفون يرثون ملكوت اللَّه» (1كورنثوس 6: 9- 10). كذلك، تشجب تعاليم آباء الكنيسة صراحةً وقطعًا كلّ مظاهر المثليّة الجنسيّة. وتعرب أعمال القدّيس باسيليوس الكبير والقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم والقدّيس غريغوريوس النيصصيّ والقدّيس أغسطينوس المبارك ومزمور القدّيس يوحنّا الصائم والمغبوط، عن تعاليم الكنيسة التي لا يمسّ بها والقائلة بأنّ العلاقات المثليّة هي آثمة ويجب أن تدان. فالأشخاص المنخرطون بها يحرمون من الحقّ بأن يكونوا أعضاءً في الكهنة. صرّح القدّيس مكسيموس اليونانيّ عندما كان يخطب في الأشخاص الذين صبغوا أنفسهم بخطيئة سدوم قائلًا: «أنظروا إلى أنفسكم أيّها الملعونون، فما هذه اللذّة الملعونة التي انغمستم فيها! حاولوا أن تتخلّوا عن هذه اللذّة البذيئة والقذرة سريعًا. أبغضوها واعترضوا بشدّةٍ بوجه الذين يدافعون عن براءتها. طهّروا أنفسكم من هذه البليّة بالتوبة والدموع السخيّة والصلاة النقيّة والإحسان قدر استطاعتكم. أبغضوا هذا الانحراف من صميم قلبكم كيلا تصبحوا أبناء الهلاك والموت الأبديّ».
يميل النقاش اليوم في المجتمعات المعاصرة إلى الاعتراف بالمثليّة الجنسيّة على أنّها إحدى «التوجّهات الجنسيّة»، والتي ينبغي أن تحظى بالاحترام والظهور العلنيّ المتساوي كالظواهر الأخرى، وهي ليست انحرافًا جنسيًّا. فضلًا عن ذلك، يسلّم هذا النقاش بأنّ الدافع المثليّ يسبّبه الميل الخلقيّ لدى الفرد. لكنّ الكنيسة تنطلق من مبدأ أنّ العلاقة الزوجيّة التي ألّفها اللَّه تجمع بين رجلٍ وإمرأةٍ ولا تقارن بالانحرافات الجنسيّة، إذ إنّ الكنيسة مقتنعة بأنّ المثليّة الجنسيّة هي تشويه آثم للطبيعة البشريّة، ومن الممكن التغلّب عليها بالجهاد الروحيّ ليصل الفرد إلى الشفاء والنموّ الشخصيّ. تشفى الشهوات المثليّة بالأسرار المقدّسة والصلاة والصوم والتوبة وقراءة الكتاب المقدّس وكتابات آباء الكنيسة، فضلًا عن تمضية الوقت برفقة المسيحيّين الذين يتطوّعون لتقديم الدعم الروحيّ اللازم.
بينما تتعاطى الكنيسة بروحٍ من المسؤوليّة الرعويّة مع الأشخاص ذوي الميول المثليّة من ناحية، فهي تعترض بحزمٍ على كلّ المحاولات التي تهدف إلى إبراز هذا الميل الآثم على أنّه «معيار» أو مدعاة للفخر والاقتداء من ناحيةٍ أخرى. ولهذا السبب تندّد الكنيسة بالدعاية للمثليّة الجنسيّة. تقتنع الكنيسة بأنّ كلّ شخصٍ يبشّر بالحياة المثليّة يمنع من العمل التعليميّ أو غيره من الأعمال مع الأطفال والشباب، كما يحرم من استلام أيّ منصب رفيع المستوى في الجيش والإصلاحيّات. لكن مع ذلك، لا تسلب الكنيسة من أيّ أحدٍ الحقّ الأساس في الحياة واحترام الكرامة الشخصيّة والمشاركة في الشؤون العامّة.
التحوّل الجنسيّ
يتّخذ السلوك البشريّ الجنسيّ المنحرف في بعض الأحيان شكل شعورٍ موجعٍ يختلج الفرد بأنّه ينتمي إلى الجنس الآخر ما يدفع به إلى تحويل جنسه، أي ما يعرف بالتحوّل الجنسيّ. قد تنجم عن رغبة الفرد في رفض الجنس المعطى له/لها من قبل الخالق، آثار مدمّرة على التطوّرات المستقبليّة. أدّى «تغيير الجنس» عبر الهرمونات أو العمليّات الجراحيّة إلى تضخيم المشاكل النفسيّة وليس إلى حلّها في بعض الأحيان، ما يسبّب أزمة داخليّة عميقة. لا يمكن للكنيسة أن تقبل بهذا «التمرّدٍ على الخالق» والاعتراف بمصداقيّة التحوّل الجنسيّ الاصطناعيّ. إن تمّ «تغيير جنس» أحد الأفراد قبل معموديّتهم، سواء أكانوا من الذكور أم من الإناث، يقبلون في سرّ المعمودية كسائر الخطأة، لكنّ الكنيسة تعمّدهم على أساس جنسهم الأصليّ. بالمقابل، لا يمكن لهؤلاء الأفراد أن يتدرّجوا في الكنيسة أو أن يتكلّلوا فيها.
من المهمّ التمييز بين التحوّل الجنسيّ وبين الخطأ الطبّيّ في تحديد جنس المولود بسبب التحوّل المرضيّ في خصائص الجنين الجنسيّة، حيث لا تعتبر العمليّة الجراحيّة التي تنفّذ في هذه الحالة لتصحيح المرض تغييرًا لجنس المولود.