العدد الأوّل - سنة 2022

09 - تحقيق - المؤتمر الثاني والخمسون - إعداد النور - العدد 1 سنة 2022

«إفلح في أرض الربّ فلاحة طيّبة، هي قد سُلِّمت إليك لكي تكون فلّاحًا عظيمًا. لا تنسَ المسؤوليّة إنّها بين يديك، فاجعل يديك في خدمة الربّ إلى أن يعود إليك في كلّ يوم من أيّام حياتك، والسلام عليك».

بهذه الكلمات الرقيقة والمعبّرة، هنّأ سيادة المتروبوليت جورج (خضر) الأمين العامّ الجديد الأخ إيلي الكبّه(١)، على أثر انتخابه في المؤتمر الثاني والخمسين لحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة.

وفي التفاصيل أنّ المؤتمر الثاني والخمسين انعقد في دير القدّيس جاورجيوس البطريركيّ في الحميراء، سورية، برعاية غبطة البطريرك يوحنّا العاشر بعد حضوره في ١٩/٢/٢٠٢٢.

وحضر إلى جانب غبطته سيادة الأسقف أرسانيوس (دحدل) رئيس الدير وآباء كهنة. وشاركت في المؤتمر وفود من  المراكز الحركيّة كافّة وأعضاء الأمانة العامّة.

افتتح غبطته المؤتمر بالصلاة، بعدها كانت كلمة ترحيبيّة موجَزة للأمين العامّ الأخ رينه أنطون شكرَ فيها لغبطته محبّته المُحتضِنة ورعايته المستمرّة للحركة وخدمتها، مسجِّلاً في ضمير الحركة المشارَكة الشخصيّة الدائمة لغبطته في مؤتمراتها ومناسباتها المهمّة معتبرًا هذا الأمر، إلى جانب البركة، مسؤوليّة كبرى.

بعدها رحّب غبطته بالحضور في دير القدّيس جاورجيوس الحميراء البطريركي وشكر لرئيس الدير اهتمامه بالتحضيرات. ثمّ كان حديث لغبطة البطريرك، وتوجيه، تناولَ فيه معظم القضايا والشؤون المطروحة اليوم في حياة كنيستنا(٢).

بعدها ناقش المؤتمر التقرير المالي، وأبرأ ذمّة الأمانة العامّة الماليّة عن السنة الماليّة ١/١٠/٢١ ولغاية ٣٠/٩/٢٢.

أمّا مداخلة الأمين العامّ الأخ رينه أنطون في المؤتمر، والتي أُعِدَّت لتُقدَّم شفويًّا، فاتُّفِق على تأجيل تقديمها ومناقشتها إلى أوّل اجتماعٍ للأمانة العامّة الجديدة بغية تخصيص الوقت الكافي للاستماع إلى كلمة غبطة البطريرك والحوار معه. وفي نظرة سريعة إلى هذه المداخلة، دعا الأخ رينه إلى حثّ الشباب الحركيّ على الاطّلاع على تراث الحركة المكتوب، بخاصّة أوراق المؤتمرات الحركيّة وتقارير الأمناء العامّين ليعرفوا ماهيّة الحركة التي ينتمون إليها. وتناول موضوع الوحدة الحركيّة، بخاصّة في ظلّ تنامي تكاليف اللقاءات المشتركة والنقل والتواصل المباشر، داعيًا الإخوة رؤساء المراكز والفروع والمرشدين إلى اعتبار التربية على الوحدة وصونها مسؤوليّةً شخصيّة لكلّ منهم، لافتًا إلى ما بدأ يهتزّ من تقبّل الحركيّين لتعدّد الآراء في الحركة، مشدّدًا على أنّ ليس من «كليشيهات» جاهزة تحدّد من هو الحركيّ، وغير الحركيّ، وعلى كون الحركة هي حركة كلّ الطاقات المؤمنة، إن شاءت أن تكون فيها شرط تكامل دور كلّ منها مع الجماعة وانسجامه ودورها، من دون التفلّت ممّا تعتمده الجماعة وتدعو إليه. وفي سياق لفته إلى مركزيّة الانفتاح على الصُعد الرعائيّة والثقافيّة والاجتماعيّة في البُعد الشهاديّ للتربية الحركيّة، أعادَ التذكير بمركزيّة فعل المحبّة الشخصيّ في العمل الاجتماعيّ، داعيًا إلى الحدّ من انجراف الحركة إلى الهيئات المانحة دعمًا لهذا العمل ومُعلِّلاً الأسباب. وختم الأخ رينه مداخلته بالتطرّق إلى موضوع «الصوت النبويّ» ووسائل التواصل الاجتماعيّ وتأثير الحركة في الحياة الكنسيّة، مستعرِضًا ومقوّمًا بعض وجوه تعاطي الحركة على هذا الصعيد بين الأمس واليوم رافضًا، ارتكازًا إلى وقائع تاريخيّة على هذا الصعيد، مقولة أنّ ما انوجد في حياة الحركة بالأمس لم ينوجد اليوم، أو العكس، معتبرًا أنّ الحركة مدعوّة دائمًا إلى ابتداع أنجع السبل وأقصر الطرق إلى النتائج الكنسيّة المرجوّة، من دون أن تُؤسَر بأسلوبٍ وسبيل ومزاج، وأنّ «الصوت النبويّ» لا يصدح من حنجرةٍ أو قلمٍ أو «بوست»، وإنّما من مسيرة نبويّة لم يتوقّف سعي الحركة إليها كمرتجى لمسيرتها لأنّها لم تدّعِ امتلاكها يومًا.

كما عُرض التقرير العامّ الذي تطرّق إلى الصعوبات التي واجهتها الأمانة العامّة والمراكز على السواء، بفعل وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت وتداعياتهما. ومن النقاط التي طُرحت:

- لجنة التربية والإرشاد:تابعت عملها لمساندة المرشدين، وعقدت اجتماعًا مع المسؤولين في المراكز بغية تقويم العمل والاطّلاع على خطّة عمل لجنة الهويّة النهضويّة. هذا مع اجتماعات فصليّة مع المسؤولين في المراكز لمحاولة تحديد المشاكل في ظلّ الأزمات الصحّيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة.

- تفعيل الهويّة النهضويّة: استمرّت الأمانة العامّة في عملها في «ورشة الهويّة النهضويّة»، وأقامت لقاءات حواريّة للجامعيّين والثانويّين ولمرشدي أسر الجامعيّين والثانويّين، ولأسرة العاملين.

- العمل الاجتماعيّ: انصبّ الاهتمام على إعانة الناس بعد انفجار مرفأ بيروت وعلى المساهمة في ترميم بعض المنازل وتأمين بعض المستلزمات المنزليّة والأدوات الكهربائيّة والإلكترونيّة.

- تنشيط برنامج التبنّي المدرسيّ.

- تفعيل المساعدت الاستثنائيّة والعمل على توفير الأدوية وتفعيل المستوصفات في بيروت ووادي شحرور.

- الإعلام: هناك مشاريع عدّة منها: إعداد سلسلة «تاريخ من نور»، إطلاق صفحتين في باب وجوه من كنيستي عن ألبير لحّام والأب إلياس (مرقص)، ونشر مواضيع إرشاديّة...

- الاغتراب: العمل على تجميع أكبر عد ممكن من المعلومات عن الإخوة المنتشرين في الخارج، بهدف تشكيل مجموعات حركيّة في كندا وأميركا وفرنسا وألمانيا والدول العربيّة.

- الحركة والقضايا العامّة.

- وضعت الأمانة العامّة إطارًا تفصيليًّا في كيفيّة التعاطي مع الجهات المانحة بغية صون كرامة الأخوة المخدومين وتألّفت لجنة بهذا الشأن.

- صندوق الشركة: وُضعت مسوّدة مشروع لتأسيس صندوق موحّد تحت اسم صندوق الشركة وهدفه تفعيل روح الشركة والوحدة.

- وقدّم التقرير خلاصة حول عمل المراكز في هذه الظروف: بيروت، جبل لبنان، طرابلس، البترون، عكّار، طرطوس، دمشق، اللاذقيّة وحلب. 

وفي الجلسة الأخيرة، انتخب المؤتمر الأخ إيلي الكبّة أمينًا عامًّا للحركة، خلفًا للأخ رينه انطون الذي انتهت مدّة ولايته. وبعد الانتخاب تحدّث الأخ رينه، مُعتبرًا أنّ الحركة ثابتة في أمانتها، واختارت اليوم، أمينًا عامًّا، كما كلّ الإخوة الذين رُشِّحوا في هذا المؤتمر، لم يعرف في مسيرته غير التزام وجه يسوع في وجوه الإخوة وأحبّة الربّ «الصغار»، داعيًا له بالتوفيق، والإخوة إلى التعاضد معه ومواكبته بالصلاة.

وكانت كلمة للأخ إيلي شكر فيها للمؤتمِرين ثقتهم ومحبّتهم داعيًا إلى تشديد رجائنا بالمسيح، وكلمة شكر من رئيس الهيئة الترشيحيّة الأخ حسام العش للأخ رينه على خدمته. بعدها اختتم الأخ رينه المؤتمر بشكر غبطة البطريرك، مجدّدًا، على مشاركته، ورئيس الدير سيادة الأسقف أرسانيوس (دحدل) على الاستضافة الكريمة، والإخوة على جهودِهم مُذكِّرًا بأنّ هذا المؤتمر الحركيّ الثاني والخمسين هو الأوّل الذي يُعقَد في كنيستنا الأنطاكيّة في سورية.

وفي كلمة من الأمين العامّ الأسبق الأخ شفيق حيدر بعنوان «إيلي الكبّة وريث الثمانين» كانت التهنئة بهذه الأسطر:

«ألهم الروح الإخوة الذين التقوا في دير القدّيس جاورجيوس الحميراء، ليختاروا إيلي الكبّة أمينًا عامًّا لحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة. ولا بدّ بادىء ذي بدء من الإشارة إلى أنّ الأمين العامّ الجديد وريث ثمانين سنة من عمر النهضة ومسؤول عن الأمانة التي وضعها الإخوة في عنقه وبين يديه.

الاختيار عندنا تكليف، والقبول خضوع وطاعة وبذل ذات. وبمقدار ما يصغي المختار إلى كلمة اللَّه، ويحمل الصليب، ويتبع المعلّم، يبرّ بالمسؤوليّة التي أسندها الإخوة إليه. والصعوبات التي سيواجهها كثيرة وحرجة. ولكنّ المعونة الآتية من لدن اللَّه خير عون، «معونتي من عند الربّ صانع السماء والأرض» (المزمور ١٢٠: ٢).

ولنبرّ بأمانة الثمانين سنة نسلك نحو اللَّه ونلوذ به، هو المعين الأمثل. إلجأْ إليه تعالى، أيّها الأمين المنتخَب، في الصلاة والشركة وكسر الخبز. عدْ إليه تائبًا وهاجرًا بشريّتك الضعيفة. أَلقِ بنفسك في تيّار الحياة السرّيّة الجارية في الكنيسة، وهكذا يفعل بك الروح القدس الذي استمرّ يرعانا ثمانين حولًا. هو «الطريق والحقّ والحياة» (يوحنّا ١٤: ٦). اللَّه هو صانع النهضة في أنطاكية الحبيبة التي تستحقّ منّا جميعًا التبتّل. نحن لا نستطيع شيئًا، ولكنّنا بقوّة غالب الموت قادرون على أن نبدّد الفساد من دواخلنا وجماعاتنا والعالم.

يا إيلي، تذكّر دائمًا أنّ السنوات الثمانين التي سمح اللَّه بأن نقطعها محافظين على الوعي والسعي هي مسؤوليّة كبيرة لا قدرة لنا على القيام بها لولا استجابتنا لنعمة انسكبت علينا من العلاء وما زالت. والمقام أيضًا مقام شكر للَّه الذي أرشدنا إلى اختيار مَن خبرته الجماعة مسلِّمًا ذاته للعناية الإلهيّة، متّكلًا عليها، طائعًا لإملاءاتها. لقد لاحظتك الجماعة الحركيّة جريح الوجد فاختارتك.

لكَ منّا الأدعية والصلوات والاستعداد لعضدك في الورشة التي قدْتَ وتقود وستقود إلى شاطىء الحبّ والبذل والتضحية والشهادة، وباختصارٍ إلى الصليب فالقيامة. ألا أقامك ربّك على الدوام في حال التوبة النصوح».

في عيد الحركة الثمانين، تتقدّم مجلّة النور من الإخوة بأحرّ التهنئة، وتستذكر أحد كتّابها المخلصين الذي انتقل إلى حضن اللَّه المغفور له الأب جورج (مسّوح)، ومن أقواله في الحركة التي أحبّ: «إذا شاءت الحركة أن تبقى حركة النهضة في الكنيسة فعليها أن تبقى تنطق بكلمة اللَّه الآن وهنا، والنهضة نبويّة تكون وإلّا ليست نهضة».

Loading...
 

 

الأعداد

© حقوق الطبع والنشر 2024 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search