تعال إتبعني
نور يونس
وقال يسوع: «هلمّ ورائي فأجعلكم صيّادي الناس»، عندها تركوا البحر والسفينة والسمك والأهل، تركوا كلّ شيء وتبعوه. لماذا الاستغراب؟
كيف امتلأ هؤلاء الصّيادون البسيطون فورًا من معرفة السيّد وتبعوه؟ ما هو السرّ الذي جعلهم يختبرون قوّة قيامته؟ ما هو السرّ الذي جعلهم يتحوّلون من صيّادي سمك على شاطئ بحر الجليل إلى اثني عشر رسولًا؟ ميزة واحدة مشتركة جمعت بينهم، ما هي؟ إنّها «الإيمان».
إيمانهم أبعدهم عن الشكّ، إيمانهم حوّل الفقر غنى والجهل صار حكمة. إيمانهم حوّلهم من أشخاص يحترقون، إلى تلاميذ مستنيرين في ذواتهم وينيرون الآخرين. والأهمّ أنّ إيمانهم جعلهم يدركون أنّ كلّ ما حدث معهم هو تطبيق لمشيئة اللَّه وحسب.
حسنًا إذًا، أنا كحركيّ مرشد، كيف يمكنني أن أتعلّم من هولاء التلاميذ وأتمّم خطّة اللَّه ومشيئته؟ كيف أتقدّم مثلهم بالحكمة والقامة والنعمة؟ كيف أحمل صورة يسوع المسيح في قلبي وذهني على الدوام؟ والأهمّ من هذا، هل أنا أنقل يسوع المسيح عبر شخصي وعملي وحياتي؟ هل أنا حقًّا على صورة يسوع ومثاله؟ هل أعيش الإنجيل في يوميّاتي وفي دقائق حياتي؟
يا ربّ، قلت لنا أن نتبعك! هل أنا وراءك؟ أنا أتكلّم معك؟ أنا أقرأ كتابك لأعرف ماذا تريد منّي؟ أنا أصلّي من أجلي ومن أجل غيري؟ أنا أذكر فرقتي في صلاتي؟ وفعلًا، أنا أستشيرك لأعرف كيف أتصرّف معهم؟ أمام أيّ عائق أنا أشكّ وأستسلم؟ قلت لنا أيضًا: «من يصبر إلى المنتهى يخلص”. عندما أواجه شخصًا مزعجًا من فرقتي، هل أنا قادرة على تقبّل كبريائه وغضبه؟ هل أنا قادرة على أنا أجذبه إلى قلبي عساه يدخل منه إلى قلبك؟ أو أنا فورًا أتأفّف، وأتعب وأتذمّر؟
ساعدني يا ربّ، كي أتشبّه بالرسل في عملهم. ساعدني لإحمل بشارة الإنجيل بذاتي وأنقلها إلى الآخرين، إلى أبنائك بشفافيّة تمامًا كما هي. شدّد خطواتي ومكّني حتّى أنقل إليهم إرشادي!
«إرشادي»... يا لها من كلمة كبيرة ويا لثقل مسؤوليّتها! هل أنا على قدر المسؤوليّة؟ هل أنا أعطي وقتًا كافيًا لأعضاء فرقتي؟ هل أنا أستفقدهم على الدوام؟ في الليل وفي النهار؟ هل أنا على اطّلاع على مشاكلهم؟ وهل أنا أمدّ لهم يد المساعدة عندما يحتاجون إليّ؟ أم أنا أكتفي بالوعظ؟ وحتّى هذا الوعظ وهذا الإرشاد هل أطبق منهما شيئًا في حياتي، أم أنّي أكتفي بالنظريّات؟
عندما أتكلّم على الحقد، والغضب، والحشمة، وسوء الظنّ، والكذب والثرثرة، هل أنا أثرثر فقط وأسدي النصائح، أم أنا أطبّق ما أقول فعلًا؟
هل ألقي الضؤ على أخطائهم عندما يحيدون عن طريقك؟ وقبل ذلك، هل أنا أعرف أخطائي؟ هل أصحّحها؟ هل أعترف بها؟ هل أتوب؟ أعلم أنّ هذه الأسئلة كلّها تخطر على رأسي ورأس كثيرين غيري من المرشدين. لا أعتقد أنّي أخطئ عندما تتوارد على ذهني هذه الأسئلة، إلّا أنّي متأكّدة أنّه من الخطأ أن أعرف الأجوبة وأتغاضى عنها.
يا يسوع، ربّي وإلهي، ساعدني على أن أجد أجوبة لأسئلتي عبر التمثّل بك، بتصرّفاتك، بذكائك، بصبرك، بحبّك، وبطريقة إرشادك لتلاميذك... حتّى أقدر، ولو خطوة خطوة، على أن أكون وراءك يا مرشدي الأوّل، عندما تقول لي: «تعال إتبعني»، وعندها أكون صيّادًا من صيّاديك الأوفياء.n