2015

11. مؤتمر الأمانة العامّة السادس والأربعون – العدد السابع سنة 2015

 

مؤتمر الأمانة العامّة السادس والأربعون

 تشرين الأوّل ٢٠١٥

 

 

ببركة صاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، افتتحت حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة مؤتمرها العامّ السادس والأربعين، في حمى سيّدة البلمند. أمّ غبطته صلاة الغروب في دير سيّدة البلمند مساء الجمعة 9 تشرين الأوّل 2015، التي شارك فيها لفيف من السادة الأساقفة والآباء الكهنة الأجلاّء، وأمين عامّ الحركة رينه أنطون، والأمناء العامّون السابقون ورؤساء المراكز والفروع، ووفود المراكز الحركيّة إلى المؤتمر.    

بعد الصلاة انتقل المشاركون إلى معهد القدّيس يوحنّا الدمشقيّ اللاهوتيّ التابع لجامعة البلمند، حيث عقدت الجلسة الافتتاحيّة برئاسة غبطته. بدءًا تحدّث الأمين العامّ رينه أنطون شاكرًا لغبطته رعايته عمل الحركة »أخًا وأبًا وقائدًا معلّمًا في المسيح«. ونوّه الأمين العامّ بسرّ الأخوّة في الكنيسة »كأسمى وجوه خدمة يسوع وأحلاها«. وإذ عبّر الأخ رينه عن الفرح الكبير عمّا أسفرت عنه اجتماعات المجمع المقدّس هذا العام، من انتخاب سيادة الأسقف سلوان (أونر) راعيًا لأبرشيّة الجزر البريطانيّة وتوابعها، والأرشمندريت يونان (الصوري) راعيًا لأبرشيّة زحلة أمل أن يمتدّ عطر الإنجيل الذي فاح من هذه المحطّات، وغيرها قبلاً، فلا يحكم الكنيسة، بعد اليوم، »غير سفراء السماء وإن حملوا الكنز في أوانٍ خزفيّة«. وتوجّه الأخ رينه إلى صاحب الغبطة قائلاً: »نعلم أنّ ما من شأن يفرح اللَّه بكنيسته ويقوّي رجاء الشعب فيها إلاّ وانتصب في ضميركم همًّا، وأولويّة. ونعلم، تمام العلم، كم يواجهُكم في سعيكم، وكلّ المخلصين لقضيّة الربّ، إلى جعل هذه الهموم واقعًا معاشًا، وكم يحتاج حُكم الكنيسة بالاستقامة والحبّ من تعب ورويّة وحكمة وتدبير. غير أنّ هذا لا يمنع أن نرفع إليكم، رجاءنا بأن يصبّ هذا الجهد، هذه الحيويّة الكنسيّة الأنطاكيّة التي انطلقت مع انطلاق عهدكم، في خدمة توق كلّ المخلصين للاقتراب من كنيسة يشتاقون إليها في كلّ محلّة ورعيّة، كنيسة الإنجيل.

نعم سيّدي، كنيسة الإنجيل، الراعية الحاضنة الحاضرة في ضمير كلّ فقير وبسيط وشخص وبيت وعائلة. التي تفيض ثقةً بأبنائها، عمومًا، وشبابها خصوصًا، راجيةً حرّيّتهم ومشاركتهم المواهبيّة في رحابها، لا منّة من رعاتها عليهم، بل إيمانًا بقدراتهم ومسؤوليّتهم فيها ومعها عن كلّ شأن يعني جسد المسيح الواحد. الكنيسة التي تسقي وحدتها بالدم، فلا شرذمة فيها، ولا خروج عن طاعة، ولا ما يجرح من فقر في مكان ويُتخم من غنى وترف في آخر. الكنيسة التي لا تقيم حسابًا لغير الربّ في مساءلة كلّ أبنائها ورجالها، كلّهم، عمّا يجرح فيهم بهاء السيّد وضمير الجماعة. الكنيسة التي ليس فيها من يشيطن العالم الذي حلّ ربّها فيه، والتي تعوم في شهادة وانفتاح مستلهَمين من يديه الحاضنتين للكون على الصليب. الكنيسة التي يعرفها الناس داعية عدل وحرّيّة إنسانيّة، تلفظ العنف والعنف المضادّ كما الانغلاق والتعصّب والتكفير، هذا المستشري اليوم في بعض بلداننا ورعايانا من دون حسيب أو مساءلة أو رقيب«.

بعد ذلك تحدّث غبطة البطريرك إلى المجتمعين معربًا عن فرحه  بهذا »اللقاء العائلي«، ومتمنّيًا للمؤتمر النجاح، ومفتتحًا كلامه بهذه الآية: »ليتكم تحتملون غباوتي قليلاً بل أنتم محتمليّ، فإنّي أغار عليكم غيرة اللَّه، لأنّي خطبتكم لرجل واحد، لأقدّم عذراء عفيفة للمسيح« (2كورنثوس ١١: ١- ٢). ثمّ صارح غبطته الحضور ببعض الهموم المطروحة أمام كنيسة أنطاكية اليوم، ومنها الحرب في سورية وتداعياتها الكبيرة جدًّا على الجميع. وإذ عبّر غبطته عن أهمّيّة تعاون الكلّ لمواجهة هذه الهموم والنهضة بالكنيسة وأبنائها إلى حيث نرجو جميعًا، رسم خارطة الطريق إلى هذا النهوض مشدّدًا على ركائز ثلاث هي معرفة الذات وإصلاح السيرة والثقة والمحبّة مستشهدًا بقول للقدّيس إسحق السريانيّ أنّ: »مَن يعرف نفسه أعظم ممّن يقيم الموت«. وفي سياق التوسّّع في شرح هذه الركائز، شدّد غبطته على أنّ غياب معرفة الذات يقود إلى الاعتزاز بالنفس والانتفاخ ويغذّي الذهنيّة الفرديّة بحيث يقود إلى التصادم بين أبناء الكنيسة. وبعد أن أوضح أنّ ارتباط الأبناء بالآباء في الكنيسة هو ارتباط بالمسيح يسوع، دعا إلى اقتناء المعطيات في القضايا الكنسيّة المطروحة قبل الحكم، إعلاميًّا في بعض المواقع، على تعاطي القادة في الكنيسة معها مشدّدًا على أنّه »لا تهمّني الكتابات، بل يهمّني أنتم«. وفي هذا الإطار أوضح غبطة البطريرك كيفيّة تعاطي الكنيسة مع قضيّة خطف المطرانين بولس ويوحنّا والجهود والاتّصالات الكثيفة التي واكبتها وما زالت، وما يقتضيه هذا التعاطي من حكمة  وهدوء وعدم الانجرار نتيجة غضب وما شابه. كذلك عرض غبطته الجهود والاتّصالات والرسائل التي وجهت إلى جميع المعنيّين في قضيّة قطر، والاجتماعات مع الكنائس الأخرى التي سبقت قرار قطع الشركة، مؤكّدًا »أنّنا ننشد المحبّة، نحن لم ننشد قطع الشركة لكن، كان لا بدّ من قرار لحفظ الشعب والكنيسة«. وبعد أن ذكّر غبطته بأنّنا جميعًا مدعوّون إلى أن نحيا في المسيح الذي لبسناه في سرّ المعموديّة، أن نصبح من معدن المسيح وأن ننمو بالنعمة والقامة إلى ملء قامته، ودعا إلى اللملمة والتعاضد بعضنا مع بعض ليعطينا الربّ، بالروح القدس، أن نخدم جسده وشعبه، ختم حديثه إلى المؤتمرين بالقول: »من منّا لا يتمنّى أن تتطهّر الكنيسة غدًا. لكنّ الكنيسة تتطهّر يوم يتطهّر أبناؤها، والتطهّر سبيله التوبة ومن يتوب يتّضع. كلّنا نخضع للمسيح والطاعة هي للربّ...« وتابع: »مختبرين ما هو مرضي عند اللَّه« و»انظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء« (أفسس 5: 10 و15).

وتابع: »أنا، كرئيس كهنة، مدعوّ إلى أن أخضع للإنجيل الذي يوضع فوق رأس الأسقف في رسامته، وأستلهم هذا الإنجيل مصدر وحي لي. رسالتنا جميعًا يا أحبّة هي أن نذوب حتّى نور المسيح ينير الجميع، وإذا تكلّمنا فلأجل البنيان بالنعمة والخدمة«، »فلنعكف إذاً على ما هو للسلام وما هو للبنيان بعضنا لبعض« (رومية ١٤ و١٥). وفي النهاية، تمنّى للمؤتمرين »أن يلهمهم الربّ أن يكونوا لخير الكنيسة في هذا المؤتمر«، »أكتب إليكم أيّها الأحداث ، لأنّكم قد غلبتم الشرير« (1يوحنّا 2 : 13).

بعد اختتام الجلسة الافتتاحيّة تحلّق الجميع حول غبطته في مائدة محبّة دعاهم إليها ثمّ انتقلوا إلى دار سيدّة الجبل حيث انعقدت سائر جلسات المؤتمر.

استمع المؤتمرون إلى حديث الأمين العامّ الذي طال جوانب العمل الحركيّ بأصعدته المختلفة. وقد صارح الأخ رينه الأخوة بما خبره على صعيد الإرشاد والتربية والرعاية والشهادة من صعوبات وإنجازات، مقترحًا لكلّ من هذه الأصعدة ما يساهم في دفع العمل الحركيّ إلى الأمام. وبعد نقاش مطوّل اتّخذ المؤتمر ما رآه مناسبًا من قرارات. كذلك ناقش المؤتمرون التقرير الماليّ وتقريرًا عن عمل هيئة الطوارئ الاجتماعيّة التي فاقت قيمة تقديماتها مبلغ مئتي ألف دولار أميركيّ وما يزيد، وسرّهم أن يعاينوا بوادر العمل الحركيّ في الخارج عبر أفلام قصيرة تحدّث فيها عدد من الأخوة المعنيّين بهذا العمل في أكثر من مكان. وتوقّف المؤتمرون طويلاً عند الأزمة السوريّة وتداعياتها المؤلمة على جميع المواطنين وعلى أبناء الكنيسة والعمل الكنسيّ، عبر تقارير من رؤساء المراكز، وتعزّوا كثيرًا بحجم حضور الأخوة من سورية وسط آلام مجتمعهم وحاجاته في ظلّ  هذه الأزمة، وأفرحتهم فعاليّة هذا الحضور على الصعيدين الرعائيّ والإغاثيّ. واطّلعوا على الحاجات الرعائيّة وغيرها التي ينشدها المؤمنون من الجماعة الكنسيّة. كذلك انتخب المؤتمرون الأخ فادي نصر أمينًا عامًّا للحركة خلفًا للأمين العامّ رينه أنطون، الذي انتهت مدّة ولايته مع انتهاء أعمال المؤتمر. بعد الانتخاب أعرب الأخ رينه عن فرحه بكون الحركة تتجدّد بتجدّد قياداتها، وأشاد بمزايا الأخ فادي الذي يتمّتع بروح رسوليّة مشهود لها وبحسّ الخدمة ورعاية الأخوة. كما تحدّث الأمين العام الجديد فدعا الأخوة جميعًا إلى التعاون لخدمة هذه المسيرة، ملتفتًا إلى من سبقنا في هذا الجهاد من كبارنا ومن الذين انتقلوا عنّا، شاكرًا للأخ رينه ما بذله من جهود خلال حقبة قيادته الطويلة للحركة. 

أمّا القرارات والتوصيات التي صدرت عن المؤتمر الحركيّ السادس والأربعين، فهي:

١- قرّر المؤتمر توجيه رسالة إلى غبطة البطريرك يوحنّا العاشر لطلب بركته وشكره على محبّته التي تجلّت برعايته واستضافته أعمال المؤتمر ولإبلاغه بانتخاب الأخ فادي نصر أمينًا عامًّا للحركة خلفًا للأخ رينه أنطون.

٢- أبرأ المؤتمر ذمّة الأمانة العامّة الماليّة عن السنة الماليّة الممتدّة ما بين 1/10/2014 و30/9/2015.

٣- أوصى المؤتمر الأمين العامّ رينه أنطون بأن يضع مضمون الحديث الذي أدلى به أمام المؤتمر في عهدة الأمانة العامّة والمراكز والفروع الحركيّة بشكل خطّيّ، ليكون من أوراق المؤتمر، ولتتمّ  دراسته وإطلاع الأخوة الحركيين عليه ووضع الخطوات اللازمة للأخذ بما ورد فيه من مقترحات وأفكار.

٤- رأى المؤتمر أنّ البنية الإداريّة والتنظيميّة في الحركة تحتاج الى إعادة نظر على المستويات كافّة كي تكون أفضل وأفعل في أعمال الشهادة والخدمة، وبثّ الروح النهضوية وتحقيق أعلى مستوى من التماسّّ والتفاعل مع الجسم الحركيّ. ولذلك يوصي المؤتمرالأمانة العامّة العتيدة بإعداد اقتراح متكامل حول إعادة النظر في البنية الحركيّة بما يحقّق ما تقدّم وتوسيع المشاركة في تحمّل المسؤوليّة والخدمة على مستويات الفروع والمراكز والأمانة العامّة وسائر المؤسّّسات الحركيّة أو التابعة لها، وتأمين ما هو مناسب لضمان تنفيذ مقرّرات المؤتمرات الحركيّة في المراكز والفروع وذلك بعد إجراء أوسع مشاركة من الحوار مع الإخوة، مع ما يستتبع ذلك من اقتراح تعديل للنظام الداخليّ العامّ، وسائر الأنظمة الداخليّة كي ينظر فيها المؤتمر في دورته القادمة.

٥- بعد أن ثمّن المؤتمر الجهود الإغاثيّة والاجتماعيّة  الكبيرة التي يبذلها الأخوة في سورية، وعلى ضوء فرادة العمل في مجال الخدمة الاجتماعيّة وضرورة تقويمه وتبادل الخبرات حوله، يوصي المؤتمر الأمانة العامّة بالدعوة إلى حلقة خاصّة هدفها توضيح مفهوم الخدمة الاجتماعيّة ومبادئها وآليات العمل فيها، وسبل تطويرها ورفدها بالخدمة التنمويّة والرعائيّة.

٦- أوصى المؤتمر الأمانة العامّة بإيجاد الآليّة  المناسبة بما فيها اللقاءات  لتعميم خبرات العمل في الأسر الحركيّة على جميع مراكز الحركة، بهدف التعرّف على هذا العمل في جميع الأماكن والتعارف بين مسؤوليه والاستفادة من الإيجابيّات وتلافي السلبيّات.

٧- أوصى المؤتمر الأمانة العامّة بتشجيع مبادرات التوأمة بين فروع المراكز في سورية ولبنان، خصوصًا على صعيد إعداد الكوادر الإرشاديّة ودورات التدريب اللازمة لذلك، والنشاطات بين جميع أسر (الفرعين التوأمين) وذلك وفق آليّة محدّدة.

٨- عبّر المؤتمر عن فرحه لمبادرات العمل الحركيّ في الخارج والتي اطّلع عليها عبر أفلام قصيرة وتقارير المسؤولين. وإذ أكّد على قراره السابق بضرورة متابعة هذا العمل ورعايته من قبل الإدارة الحركيّة يوصي الأمانة العامّة بإيجاد آليّة للتواصل بينها وبين المسؤولين عن هذا العمل، وتحديد سبل رعايته وكذلك للتواصل بينها وبين المراكز بهدف تبادل المعلومات حول الإخوة الذين يغادرون سورية إلى لبنان والبلدان الأخرى لتسهيل هذه الغاية.

٩- في سبيل توسيع دائرة المطّلعين على مجلّة النور والمشتركين بها يوصي المؤتمر بطبع كمّيّات إضافيّة من العدد الأوّل لعام 2016 لتوزيع الفائض على غير المشتركين ممّن تقترحهم مراكز الحركة عبر لائحة تضعها، على أن ترسل هذه الأعداد مرفقة باستمارة اشتراك، وأن يتعهّد المركز المعنيّ بمتابعة مَن أُرسلت إليهم الأعداد لحثّهم على الاشتراك في المجلّة.l

 

 

 

 

 

 

من هو الأمين العامّ الجديد فادي نصر؟

من مواليد بلدة حمّانا في المتن الأعلى، العام 1959. متأهّل من السيّدة أمل الهبر ولهما أربعة أولاد.

مهندس صناعيّ، تابع دراسته الجامعيّة في جامعة نبراسكا في الولايات المتّحدة الأميركيّة. حاليًّا هو مدير الإنتاج في معمل سيكومو في البقاع.

تولّى مناصب حركيّة عدّة في الأمانةّ العامّة وفي الفروع، من رئاسة فرع الحازميّة، إلى رئاسة مركز جبل لبنان، إلى رئيس مركز الدراسات في الأمانة العامّة. حصل على ثلاثة وثلاثين صوتًا من أصوات الأخوة في انتخابات الأمانة العامّة.

 

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search