2013

4. وقفة كتابيّة: الحوار الممهَّد للأنافورا - ميكال ساسين – العدد الثالث سنة 2013

 

الحوار الممهّد للأنافورا

ميكال ساسين

 

 

يمهّد الحوار التالي لتلاوة الأنافورا:

الشمّاس: لنقف حسنًا، لنقف بخوف، لنُصْغِ، لنقدِّم بسلام القربان المقدّس.

الشعب: رحمة سلام، ذبيحة التسبيح.

المتقدّم: نعمة ربّنا يسوع المسيح ومحبّة اللَّه الآب وشركة الروح القدس لتكن مع جميعكم.

الشعب: ومع روحك.

المتقدّم: لنضع قلوبنا فوق.

الشعب: هي لنا عند الربّ.

المتقدّم: لنشكرنّ الربّ.

الشعب: حقّ وواجب.

 

لنقفْ... ، لنقدّم بسلام القربان المقدّس

يحثّنا الشمّاس: »لنقفْ حسنًا، لنقفْ بخوفٍ، لنُصْغِ، لنقدّم بسلام القربان المقدّس«.

قد حان أوان الجزء الأساس في خدمتنا الليتورجيّة للَّه الآب، أوان تقديم قرباننا له. لذا ينبغي أن نؤدّيه بأوفر خشوع وتقوى، يُعبّر عنهما، من الناحية الخارجيّة، بالانتصاب باستقامة ووقار والصمت المطلق والإصغاء التامّ إلى صوت المتقدّم رافعًا للَّه الآب صلاة الشعب.

لنقدّم بسلام القربان المقدّس

تحرص الكنيسة على تذكيرنا بأنّ تقديم قرباننا للَّه ينبغي أن يتمّ ونحن في سلام وهدوء نفس، في تصافٍ مع اللَّه بالتوبة وفي سلام مع الإخوة بالمصالحة: »فإن قدّمت قربانك على المذبح وتذكّرت هناك أنّ لأخيك عليك شيئًا، فدَعْ قربانك هناك أمام المذبح، وامضِ أوّلاً فصالحْ أخاك، وعندئذ إئتِ وقدّم قربانك« (متّى ٥: ٢٣).

لنقدّم بسلام القربان المقدّس

العبارة كما جاءت حرفيًّا في الأصل اليونانيّ هي: لنقدّم بسلام الأنافورا المقدّسة snsjoran agian ôçí. فالأنافورا، الصلاة الشكريّة المرفوعة للَّه، هي أصلاً قربان الكنيسة الوحيد، قبل أن يسود تدريجًا النظر إلى الخبز والخمر كقربان. وقد اعتمد التراث الكنسيّ في القرن الثاني الاستشهاد بآية ملاخي (١: ١١): »لأنّه من مشرق الشمس إلى مغربها، اسمي عظيم في الأمم، وفي كلّ مكان تحرق وتقرّب لاسمي تقدمة طاهرة، لأنّ اسمي عظيم في الأمم، قال ربّ القوّات«، بصيغ يونانيّة مختلفة، كنبوءة على ذبيحة الإفخارستيّا.

ومن بين النصوص العديدة، سيقتصر إيراد تلك الواردة في الذيذاخي وفي حوار يوستينوس مع اليهوديّ تريفن. فالفصل 14 من الذيذاخي يورد ما يلي: أمّا »يوم الربّ«     knriakhn، وهو الاسم المسيحيّ باليونانيّة ليوم الأحد الذي هو (مخصّص) للربّ، فاجتمعوا لـ»كسر الخبز«، وارفعوا الإفخارستيّا eicaristhsate بعد أن »تسبقوا وتعترفوا« (فعل واحد مركّب في الأصل اليونانيّ)، لتكون ذبيحتكم طاهرة. ولكن، لا يجتمعنّ معكم من له خلاف مع رفيقه، قبل أن يتصالح معه، لئلا تتدنّس ذبيحتكم. فإنّ كلام الربّ هو هذا: »في كلّ مكان وزمان تُقدّم لي ذبيحة طاهرة، لأنّي أنا ملك عظيم، قال الربّ، واسمي عجيب بين الأمم«. أمّا يوستينوس، فيذكر هذه النبوءة ثلاث مرّات في الحوار. ففي الفصل 28، يوردها ضمن السياق التالي: »اللَّه عاد لا يرضى بهذا الختان الذي أعطيَ كعلامة... ولكنّ الذي يعرف اللَّه ومسيحه، ويحفظ البرّ دائمًا، إسكوتيًّا كان أم أعجميًّا، فهو مختون بالختان الجيّد الخلاصيّ ومحبوب من اللَّه، ويسِرّ اللَّهَ بتقادمه وذبائحه. إسمحوا لي، أيّها الأصدقاء، أن أتلوَ عليكم كلام اللَّه نفسه، عندما تكلّم إلى الشعب على فم ملاخي، أحد الاثني عشر نبيًّا: ...«. وفي الفصل 41، فبعد أن يورد النصّ، يعلّق عليه بقوله: »أمّا عن الذبائح التي نقدّمها له، نحن الأمم، في كلّ مكان، أعني خبز الإفخارستيّا وكأس الإفخارستيّا، فإنّه سبق وقال: نحن نمجّد اسمه، أمّا أنتم (اليهود)، فتدنّسونه«. وفي الفصلين 116 و117، يوردها، ويُجادل تريفن في المقصود بها. فإذ يزعم تريفن أنّها تتمّ بواسطة الصلوات المرفوعة إلى اللَّه في مجامع اليهود، يردّ عليه يوستينوس قائلاً: »أن تكون الصلوات والشكرانات التي يقدّمها رجال مستحقّون هي وحدها ذبائح كاملة، ووحدها المرضيّة للَّه، فهذا ما أؤكّده أنا أيضًا، لأنّ المسيحيّين وحدهم تسلّموا من السنّة تقديم هذه الذبائح وحدها، في الذكرى التي يُقيمونها عند أخذ الطعام، قبل أن يأكلوا ويشربوا، وهم يتذكّرون الآلام التي تحمّلها لأجلهم ابن اللَّه... فالذبيحة، التي فرض يسوع المسيح أن نقدّمها، الإفخارستيّا على الخبز والكأس، والتي يؤدّيها المسيحيّون في كلّ بقعة من الأرض، قد شهد اللَّه أنّها مرضيّة لديه... والحال أنّه لا يوجد شعب... وحتّى الرعاة العائشون تحت الخيم ليرعوا مواشيهم، إلاّ وتُقدّم عندهم، باسم يسوع المصلوب، الصلوات والشكرانات للآب صانع الكون«.

ولئن كان نصّ الذيذاخي لا يوضح المقصود بـ»الذبيحة«، فإنّ يوستينوس يشدّد في الفصل 41، على كون الذبيحة هي »خبز الإفخارستيّا« و»كأس الإفخارستيّا«، فيما يُشدّد، في الفصل 117، على أنّ الصلوات والشكرانات المرفوعة للَّه، إنّما هي الذبائح المقصودة.

رحمة سلام، ذبيحة التسبيح

إنّ جواب الشعب هذا في المقطع الأوّل من الحوار التمهيـديّ للأنافورا، لمن روائع تراثنا. إنّه لمن أروع التعابير عن قربان الكنيسة الذي ترفعه للَّه الآب. فإذ ينبّه الشمّاس إلى أنّنا مزمعون أن نقدّم القربان للَّه؛ يأتي جواب الشعب محدّدًا القربانَ المرضيَّ للَّه: رحمة سلام وذبيحة تسبيح.

رحمة سلامٍ

ولئن جاءت هذه العبارة في بعض التراث »رحمةً، سـلامًا«، ففـي ذلك محـاولة تصحيـح، نتيجةَ التبــاس المعنى على بعضهم(١)، فلم يُدركوا القصد من إضافة رحمة إلى سلام (رحمة: مضاف، سلام: مضاف إليه)، ولم يفطنـوا إلى التحديد الذي تكتسبه »رحمة« من هذه الإضافة.

لقد سبق أن دخل مفهوم اعتبار الرحمة كذبيحة للَّـه فـي وعـي شعـب اللَّه منذ أن أعلن اللَّه على لسان هوشع النبيّ العبارة الرائعة الشهيرة: »أريد رحمة لا ذبيحة« (٦: ٦)، والتي اقتبسها الربّ يسوع مرّتين (متّى ٩: ١٣ و٧: ١٢). ففي العهد القديم، كان هناك نوعان من الذبائح: ذبائح خطيئة وتعويض وتكفير، من جهة؛ وذبائح سلام (»ذبيحة سلامات«، إذ ترد »سلام« بصيغة الجمع) وهي: إمّا »ذبيحة شكر« وإمّا »ذبيحة نذر« وإمّا »ذبيحة طوعيّة«. من هنا جاءت عبارة »رحمة سلام«، لتؤكّد أنّ الرحمة تجاه أخيـنا الإنسـان إنّمـا هـي »ذبيحـة السلام« المقبولة لدى اللَّـه. والإنجيـل الإلهـيّ يأتيـنـا بتوبيـخ اللَّـه الديّان: »أفما كان يجـب عليــك أنــت أيـضًا أن ترحـم صاحبـك كما رحمتـك أنــا؟« (متّــى 18)؛ وينبّهنـا مثل الدينونة إلى أنّ دينونتنا ستكون على أساس أعمال الرحمة التي قمنا بها أو أحجمنا عن القيام بها (متّى 25)؛ وخير ختام وصيّة الربّ يسـوع: »كـونـوا رحمـاء كما أنّ أباكم السماويّ رحيم« (لوقا 6).

ذبيحة التسبيح

تشكّل »ذبيحة التسبيح« المزمع أن نرفعها للَّه الآب ضمن »الأنافورا«، قربانَ الكنيسة. وهذه العبارة، التي يترجمها البعض بـ»ذبيحة الحمد«، إنّما هي مقتبسة من المزمور 49، الذي يتكلّم فيه اللَّه، فيقول:

13 وهل أنا من لحم الثيران آكل وهل أنا لدم التيوس شارب؟

14 إذبحْ للَّه ذبيحة التسبيح، وأوْف العليّ نذورك.

23 من يُقرّب ذبيحة التسبيح، يمجّدني، ومن استقام طريقه، أريه خلاص اللَّه.

وقد اقتبس كاتب الرسالة إلى العبرانيّين هذه العبارة ضمن مقطع من أروع المقاطع التي توضح العبادة المسيحيّة: »فلنقرّبْ للَّه عن يده (عن يد يسوع) ذبيحة التسبيح في كلّ حين، أي ما تلفظه الشفاه(٢) المسبّحة لاسمه. لا تنسوا الإحسان والمشاركة، فإنّ اللَّه يرتضي مثل هذه الذبائح« (١٣: ١٥ و16).

إذًا، الأنافورا هي »ذبيحة التسبيح«، هي قربان الكنيسة.

تحت كنف النعمة الإلهيّة

إنّ اللَّه، بنعمته، »هو الذي يعمل فينا الإرادة والعمل، لأجل المسرّة« (فيليبّي ٢: ٣)؛ لذا، فإذ نحن مزمعون أن نرفع للَّه »ذبيحة التسبيح«، فنحن بحاجة إلى مؤازرة النعمة الإلهيّة التي تعضدنا في هذه الخدمة الإلهيّة الرهيبة. لذا، فنحن نلتمس من اللَّه عضده ونعمته، لنكون في السلام واليقظة اللازمين لهذه الخدمة.

الآب والابن والروح القدس

إنّ دعاء التماس النعمة الإلهيّة الذي يتلوه المتقدّم: »نعمة ربّنا يسوع المسيح ومحبّة اللَّه الآب وشركة الروح القدس لتكن مع جميعكم«، إنّما هو مقتبس من خاتمة رسالة الرسول بولس الثانية إلى كنيسة كورنثوس. وفيه إشارة إلى مساهمة كلّ من الأقانيم الإلهيّة في عمل الخلاص: فالآب، من أجل محبّته للبشر أرسل ابنه الوحيد لخلاص العالم (وقد عبّر يوحنّا الإنجيليّ عن ذلك بأروع عبـارة، تلك الـتي أوردتهـا أنافــورا الذهبيّ الفم: فـإنّــه بهذا المقدار أحبّ اللَّه العالم...)، والابن بإكماله التدبير الإلهيّ، أي بتجسّده وموته على الصليب وقيامته وصعوده، نال لنا نعمة الفداء والتألّه التي تُعطى لنا بالروح القدس الذي، منذ العنصـرة، يسكـن فينـا بالمعموديّة، ويضمّنا إلى نطاق الشركة الإلهيّة هياكلَ له. إنّه النار التي جاء الربّ يسوع ليضرمها في الأرض (لوقا ١٢: ٤٩)، والتي يتجدّد اضطرامها فينا يومًا فيومًا، وبخاصّة حين نشارك في القدّاس الإلهيّ.

لقد كان هذا الدعاء البولسيّ الثالوثيّ فريدًا، وقد ورد مرّة واحدة فقط، فيما كان الدعاء المتداول في الرسائل الأخرى يقتصر على »نعمة الربّ يسوع معكم« أو »نعمة ربّنا يسوع المسيح معكم«. وكذلك في هذا الموضع، كان الدعاء الأقدم: »الربّ مع الجميع«، وهو يرد في النصّ الأقدم الذي وصل إلينا (عند هيبوليتس)، وتمّت المحافظة عليه في التراثين الإسكندريّ والرومانيّ. ولكن، منذ الأزمة الآريوسيّة في القرن الرابع، عمد الآباء إلى إدخال صبغة ثالوثيّة في خدمة القدّاس الإلهيّ، فكان اعتماد الدعاء البولسيّ الثالوثيّ أحد عناصر هذه الصبغة. ولهذا الدعاء أهمّيّة إضافيّة في هذا المجال إذ يُقدّم ذكر الابن على ذكر الآب. لذا قام مناوئو مجمع نيقية (ومنهم جامعو مجموعة »النظم الرسوليّة«، نحو عام 380م) بتحوير هذا الدعاء وتقديم ذكر الآب على الابن، فأوردوه هكذا: »نعمة اللَّه الضابط الكلّ ومحبّة ربّنا يسوع المسيح...«.

وفي سياق التأكيد على التعليم الأرثوذكسيّ في الثالوث القدّوس، تمّت أيضًا إضافة بعض العبارات الموفّقة في الأنافورا. ففي أنافورا الذهبيّ الفمّ، نجد الإضافات الثالوثيّة التالية: »...الكائن هكذا هو هو. أنت وابنك الوحيد وروحك القدّوس«. و»ومن أجل هذه كلّها نشكرك، أنت وابنك الوحيد وروحك القدّوس، من أجل كلّ الإحسانات ...«.

ولكنّنا نجد في نهاية الأنافورا تحويرًا للسياق. فالأنافورا بأكملها، نتوجّه بها إلى اللَّه الآب؛ ومع ذلك جاء الإعلان الختاميّ: »واعطنا أن نمجّد بفم واحد ... أيّها الآب والابن والروح القدس...«، فيما يجب أن يرد كالآتي: »...أيّها الآب، مع ابنك وروحك القدّوس، الآن...« أو كالعبارة الأقدم: »...أيّها الآب، بابنك الوحيد في الروح القدس،...«.

لنرفع قلوبنا

يجدر بنا أن نرفع قلوبنا إلى اللَّه، أن نكون حاضرين أمام اللَّه بكلّ كياننا، أن نسمو بأفكارنا التي تنشغل عادة في ألف شأن وشأن من شؤون هذه الدنيا، ونرتفع بذهن صافٍ يقظٍ وبنفس صاحية مستيقظة وبقلب حارّ متّقد إلى أعلى السماوات »حيث المسيح جالس عن يمين اللَّه«. وينبّهنا الذهبيّ الفم: »إسعَ إلى إدراك في حضرة مَن أنت منتصب أمامه، وبصحبة مَن سوف تدعو اللَّه: بصحبة الملائكة، بصحبة الشيروبيم والسيرافيم، فلا ينبغي أن يشترك أحد على الإطلاق في هذه التسابيح الشريفة السرّيّة باستعداد وعزم فاترين. ولكن بعد أن يُبعد كلّ الأفكار الأرضيّة عن ذهنه، وينقل ذاته كلّـيًّا إلى السماء، كما لو كان منتصبًا قرب عرش اللَّه نفسه ومحلّـقًا مع السيرافيم، عندها فليُقدّم التسبيح الكلّـيّ قدسه إلى إله المجد والعظمة«.

لنشكرنّ الربّ

التلاوة الصحيحة للأنافورا

يتلو المتقدّم الذي يؤمّ الخدمة الأنافورا، ويتلوها وحده منفردًا من دون أن يشاركه أحد في تلاوة أيّ جزء منها، معلنًا صلاة الشعب الذي يصغي بانتباه إلى التلاوة، مشاركًا برفعها إلى اللَّه من كلّ القلب، ويختم عليها بـ»آمين«. وتلاوة الأنافورا بأكملها إنّما تكون بصوت عالٍ مسموع وواضح، فيتمكّن الشعب من تلبية الدعوة إلى الشكر بقلب واحد مع المتقدّم الذي يمكّن الشعب أن يشكر بفم واحد.

شعب اللَّه، »الأمّة الكهنوتيّة«، يرفع الإفخارستيّا قربانًا للَّه.

إنّ الخدمة الإفخارستيّة، المعبَّر عنها بتلاوة أفشين الشكر (الأنافورا)، تشكّل الخدمة الأساس لشعب اللَّه. فالربّ يمنح المؤمن بالمعموديّة والميرون ولادة روحيّة جديدة وعضويّة شعب اللَّه والانضمام إلى طغمة »الكهنوت الملوكيّ«، ليساهم في خدمة الكنيسة الكهنوتيّة التي تتجلّى بشكل خاصّ بالإفخارستيا.

يقول القدّيس يوستينوس، في الفصل 116 من الحوار، في معرض تعليقه على نبوءة زكريّا (الإصحاح 3): »فكما أنّ يسوع هذا، الذي يدعوه النبيّ كاهنًا، ظهر »لابسًا ثيابًا قذرة« (٣- ٣)، وكما أنّه سُمِّي »جمرة اقتلعت من النار« (٢- ٣) لأنّه أخذ على نفسه مغفرة الخطايا تحت تهديد عدوّه الشيطان، كذلك نحن الذين باسم يسوع آمنّا باللَّه صانع الأشياء كلّها، الذين باسم ابنه البكر »نزعنا الثياب البالية« أي الخطايا، ملتهبين بكلمة دعوته؛ فنحن أمّة كهنوتيّة حقيقيّة للَّه. واللَّه نفسه يشهد بذلك، عندما يقول: »في كلّ مكان، تقرّب لاسمي تقدمة طاهرة...«. والحال أنّ اللَّه لا يقبل الذبائح إلاّ من الكهنة«.

إذًا، فالمسيحيّون، حينما يجتمعون معًا بإمامة الأسقف أو الكاهن، لتقديم الإفخارستيّا للَّه، يكونون هم كهنة اللَّه، »الأمّة الكهنوتيّة«، التي تقدّم ذبيحة الشكر للَّه.

ولئن بوشر، مباشرة بعد زمن العهد الجديد، الكلام هنا وثمّة عن »رجال يقدّمون القرابين« (أكليمندس الرومانيّ 44)، فإنّ صوابيّة كلام كهذا، يرتكز على أساس أنّ هؤلاء الرجال من رعاة الكنيسة ـ ولئن تسمّوا »رؤساء كهنة«  و»كهنة«، بدءًا من القرن الثالث عند ترتليانس، المعلّم الكنسيّ الأوّل الذي كتب باللاتينيّة ـ إنّما هم »أئمّة« »الأمّة الكهنوتيّة«.l

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search