2012

03 - بيئة: لنقتصد بالطاقة والمياه في السنة الكنسيّة الجديدة - راغدة حدّاد – العدد السادس سنة 2012

لنقتصد بالطاقة والمياه

في السنة الكنسيّة الجديدة

راغدة حدّاد

 

 

السنة الكنسيّة الجديدة، التي بدأت في أوّل أيلول، هي »مخضرمة« بين سنتين دوليّتين أعلنتهما الأمم المتّحدة: السنة الدوليّة للطاقة للجميع 2012، والسنة الدوليّة للتعاون المائيّ 2013. خلال هذه السنة الكنسيّة، يمكن تكريس نشاطات متنوّعة للتوعية بأهمّيّة الاقتصاد في استهلاك الطاقة والمياه. وذلك من خلال العظات في القدّاس، والنشاطات الرعويّة، والمشاريع والتحرّكات البيئيّة التي تقوم بها المدارس التابعة للكنيسة.

الإنسان هو، بالمفهوم الكنسيّ، »راع للخليقة«. وهذه الرعاية تشمل بيئة الأرض ومواردها الطبيعيّة. وقد تمّ تكريس الأوّل من أيلول »يوم البيئة في الكنيسة الأرثوذكسيّة«، لكنّ رعاية البيئة واجب على المؤمن في كلّ يوم.

في ما يأتي إضاءة عامّة على مسألتي الطاقة والمياه، وما يمكن أن يفعله كلّ فرد للاقتصاد في استهلاكهما.

الطاقة تسيِّر العالم

النفط والغاز والفحم والطاقة النوويّة هي المصادر الرئيسيّة للطاقة في العالم اليوم. ومع أنّها كانت وراء دفع عجلة التقدّم الصناعيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ، لكنّها مسؤولة أيضًا عن كثير من التلوّث. غير أنّ الوضع يمكن ألاّ يـكون على هــذه الحـال، فمن الممـكن استخــدام الطاقة بكفاءة للتقليل من الهدر والتلويث. كما يمكن أن تكون موردًا نظيفًا لا ينتهي، باستخدام الطاقة المتجدّدة أو البديلة، التي تشمل الطاقة المائيّة، والطاقة الشمسيّة، وطاقة الرياح، والطاقة الحراريّة من جوف الأرض، وطاقة المدّ والجزر، وطاقة الكتلة الحيويّة الناتجة من مخلّفات عضويّة.

حرق الوقود لإنتاج الطاقة يلوّث الهواء، وينتج انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون التي تساهم في رفع حرارة جوّ الأرض وتغيّر المناخ. لذلك، على كلّ واحد منّا الاقتصاد في استهلاك الكهرباء والوقود، واستخدام مصادر الطاقة النظيفة والمتجدّدة حيث أمكن. فبذلك نساهم في المحافظة على الموارد الطبيعيّة المحدودة وفي مكافحة التلوث وتغيّر المناخ.

شهدت العقود الأخيرة تطوّرًا مذهلاً في الطاقات المتجدّدة، بخاصة طاقة الرياح والشمس، وقد وصلت نسبة مساهمتها إلى 10 في المئة من مجمل استهلاك الطاقة في أوروبا، مع توقّع وصولها إلى 20 في المئة السنة 2020. وساعد في تسريع تعميم استخـدامات الطـاقـة المتجـدّدة انخفـاض تكالـيف إنتاجـها، بخاصّة من الرياح، وارتفاع أسعار النفط، والتخوّف من تأثيرات تغيّر المناخ. لكنّ النفط والغاز الطبيعيّ سيبقيان المصدرين الأساسيّين للطاقة خلال العقود المقبلة. لذا وجب تطوير أساليب فعّالة لاستخدام الوقود التقليديّ بشكل أنظف والاقتصاد في استهلاكه.

عندما تقتصد في الطاقة، فإنّك تقلّل الطلب على النفط والغاز الطبيعيّ. وحرق كمّيّة أقلّ من الوقود يعني خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، المسبّب الرئيسيّ للاحتباس الحراريّ وسخونة جوّ الأرض. هنا بعض الطرائق البسيطة للاقتصاد في الطاقة وتخفيض انبعاثاتك من ثاني أوكسيد الكربون:

استخدم مصابيح مقتصدة بالطاقة، وأطفئ الأنوار عندما لا تحتاج اليها.

لا تبالغ في التدفئة إلى درجة الحرّ، ولا في التبريد إلى درجة الصقيع. استخدم المكيّف باعتدال، على 24 درجة مئويّة مثلاً.

عندما تعتزم شراء سيّارة، اختر واحدة تقطع مسافة أكبر بكمّيّة أقلّ من الوقود، أو سيّارة هجينة (هايبريد) تسير بالوقود والكهرباء. واعلم أنّ القيادة بسرعة 120 كيلومترًا في الساعة، بدلاً من 90، تزيد استهلاك الوقود بنحو 20 في المئة.

امش أكثر. استعمل النقل العامّ. تشارك مع آخرين في ركوب سيّارة واحدة إلى العمل أو المدرسة أو الكنيسة.

نظّف خلفيّة ثلاّجتك. المواسير التالفة والمكسوّة بالغبار يمكن أن تزيد استهلاك الطاقة 20 في المئة.

لا تشغّل غسّالة الصحون أو الثياب إلاّ عندما تكون ملأى. واغسل الثياب بدرجة حرارة أقلّ (30 درجة مئويّة)، فهذا يكفي لغالبيّة الثياب.

اطبخ ليومين. فالطبخة الكبيرة تستهلك طاقة أقلّ من طبختين.

ضع ستائر قماشيّة، لا معدنيّة، فهي تحفظ حرارة الغرفة أكثر في الشتاء. وحسِّن العزل الحراريّ في منزلك، فلا تتسرّب الحرارة من النوافذ والأبواب.

قلّل النفايات. اشتر بضائع قليلة التغليف. اختر المنتجات الصالحة للاستعمال أكثر من مرّة. اشتر المرطّبات في قوارير مرتجعة تعاد تعبئتها تكرارًا. إنّ إعادة الاستعمال وإعادة التدوير تغنيان عن صنع سلع جديدة يستهلك إنتاجها طاقة أكبر.

استخدم مصادر الطاقة المتجدّدة، كأجهزة الطاقة الشمسيّة.

انشر هذه الممارسات في محيطك.

ماء الحياة كيف نصونه؟

تحتاج جميع الكائنات الحيّة إلى الماء لتعيش وتبقى. قد نظنّ نحن البشر أنّ لدينا كثيرًا من هذا المورد الحيويّ، لكنّ جزءًا ضئيلاً من مياه الأرض عذب ومتاح للاستهلاك. ومع ذلك نلوّث هذه المياه المحدودة، بالنفايات والموادّ الكيميائيّة والأسمدة والمبيدات الزراعيّة والزيوت والمياه المبتذلة المنزليّة والصناعيّة. حتّى ملوّثات الهواء ينتهي بعضها في المياه.

ونحن لا نلوّث المياه العذبة فحسب، بل نبالغ في استهلاكها. فالزراعة تستعمل نحو 80 في المئة من المياه المستهلكة، وغالبًا ما تمارس في الريّ أساليب، لا كفاءة لها، تهدر الماء. ونحن كأفراد نفرط في استهلاك المياه أيضًا، عندما نطيل فترة الاستحمام أو نبالغ في سقي حدائقنا أو غسل سيّاراتنا.

إنّ جشع الحضارة العصريّة وازدياد طلبها للمياه العذبة يعني بقاء كمّيّة أقلّ منها متوافرة وصالحة للاستعمال. يجب أن نعتبر أنفسنا حرّاس المياه العذبة، فنحمي هذا المورد الثمين ما دام في متناولنا.

يمكننا اتّخاذ إجراءات بسيطة في حياتنا اليوميّة للمساعدة في الحفاظ على جودة المياه من دون التضحية بمستوى معيشتنا. هنا بعض الممارسات المفيدة:

أقفل الحنفيّة جيّدًا فيما تغسل أسنانك أو تحلق ذقنك. وأقفلها جيّدًا بعد الاستعمال، فالتنقيط البطيء يمكن أن يهدر ما بين 50 و75 ليترًا من المياه يوميًّا.

أصلح التسرّب. فقد يتسرّب 600 ليتر يوميًا من ثقب بحجم رأس دبّوس في أنبوب مياه مضغوط. الهدر الأكبر في معظم المنازل يحصل من خزّان المرحاض. وللتأكّد من عدم وجود تسرّب، ضع فيه بضع قطرات صبغة من دون تشغيل السيفون، فإذا تلوّنت مياه المرحاض دلّ ذلك على تسرّب.

خلال انتظارك نزول المياه الساخنة، قبل الاستحمام أو غسل الأطباق مثلاً، ضع وعاء تحت الحنفيّة قبل أن تفتحها. استعمل المياه المجموعة للتنظيف أو الريّ أو غسل السيّارة أو غير ذلك.

استخدم غسّالة وجلاّية تستهلكان مياهًا أقلّ، وتجنّب تشغيلهما إلاّ بملء سعتهما، ولا تكثر من استعمال مساحيق الغسيل التي تلوّث مياه الصرف. تجنّب شراء ملابس تحتاج إلى غسل منفرد.

استخدم حنفيّات ودشّات وسيفونات مقتصدة في استهلاك المياه.

استخدم طنجرة الضغط للطهو، لأنّها توفر المياه والوقت والوقود.

لا تشترِ ألعابًا تستهلك المياه.

اغسل السيّارة بدلو بدل خرطوم، فهذا يستهلك مياهًا أقلّ. ولا تلقِ الزيوت والشحوم على التربة أو في مجرى مياه لكيلا تتسرّب إلى المياه الجوفيّة وتلوّثها.

لا تستخدم المبيدات الزراعيّة إلاّ عند الضرورة ومن دون إفراط. هكذا تساهم في عدم تلويث المياه السطحيّة والجوفيّة.

اروِ حديقتك في الصباح الباكر أو في المساء، لكيلا تتبخّر المياه بسرعة من جرّاء حرارة الشمس. وبدلاً من الريّ بالمياه الجارية (الغمر)، مارس الريّ بالتنقيط أو الرشّ.

اجمع مياه الأمطار عن سطح المنزل والمياه المتقطّرة من مكيّف الهواء، واستخدمها في الريّ وأعمال التنظيف المنزلية.

استخدم جهاز فلتر للمياه إن لم تكن واثقًا من نظافة مصدرها. ومارس التطهير الشمسيّ لمياه الشرب، عبر تعبئة المياه المصفّاة في أوعية زجاجيّة شفّافة لا لون لها، وتعريضها لأشعّة الشمس لمدة ساعتين على الأقلّ، ما يطهّر المياه، ويقضي على الجراثيم.

قمْ بواجب التوعية. فعندما تجعل أصدقاءك وأفراد أسرتك وجيرانك وزملاءك يتّخذون إجراءات بشأن المياه، يكون الأثر ذا وقع كبير. وهذا يصحّ على جميع القضايا البيئيّة.l

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search