2012

14 – أصداء شبابيّة - المسيحيّون… والقيم وعالم اليوم - حسن جبران البازي - العدد 2 سنة 2012

 

المسيحيّون… والقيم وعالم اليوم!

حسن جبران البازي

 

ما يشهده عالمنا اليوم من حروب مختلفة الأشكال والبقع الجغرافيّة، وانحطاط أخلاقيّ، وتفلّت من سلّم القيم الإنسانيّة البديهيّة في الشرق كما في الغرب، وانعدام المسؤوليّة لدى شرائح عديدة من المجتمعات في غير زمان ومكان، والتقهقر المتعاظم في المستوى الأخلاقيّ لدى شرائح عديدة ومتعدّدة من المجتمعات البشريّة في عصرنا هذا، يطرح تساؤلات عدّة، من أبرزها: لماذا يحصل كلّ ذلك؟ وما هو العمل للعودة إلى الأصالة والروح الإنسانيّة الأصيلة؟ وما هو دور المسيحيّين في إصلاح المجتمعات وإعادة بلورة طروحات ومسلكيّات قديمة ومتجدّدة تتناسب والقيم الإنجيليّة والإنسانيّة المطلوبة من كلّ كائن بشريّ لأيّ بيئة أو ملّة انتمى؟

الموضوع لضخم بادئ ذي بدء لكونه يتضمّن الإحاطة بالمؤثّرات العامّة والخاصّة التي تتدارك الشعوب والمجتمعات والتجمّعات البشريّة من جهة أولى، ولكون مجتمع اليوم أضحى تائهًا في متاهات العولمة ومفاعيلها الرباعيّة الاتّجاهات، على صعيد البيئة العالميّة والقرية الكونيّة، بمضامينها الشاملة والعامّة من جهة ثانية. لذلك من الواجب تخطّي بعض الزوايا والركون إلى فكرة الدور المسيحيّ وكيفيّة بلورة رسالته الغنيّة والمقدّسة.

تكلّم السيّد على دور المسيحيّين إزاء العالم، فقال: »أنتم ملح الأرض، فإذا فسد الملح، فأيّ شيء يملّحه؟« (متّى ٥: ١٣).

»أنتم نور العالم، لا تخفى قائمة على جبل، ولا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال، بل على المنارة...« (متّى 5: ١٤- ١٥).

إنّها رسالة المعمّد، منذ البدء، أن يكون الماء الراوي الظمِئ، والقوت المشبِع الجياع، والمحبّة قاتلة البغضاء، إنّه الخمرة المعتّقة لمجتمع جديد.

هذا هو دورنا، هذه هي رسالتنا، هذا هو جوهر إيماننا وعقيدتنا. المحبّة نبراسنا والخدمة قصدنا، والعمل الصالح اتّجاهنا، فلندع عنّا كلّ اهتمام دنيويّ، ولنكن على مثال السيّد استراحة المتعبين، أوَلم يقل لنا: »تعالوا إليّ جميعًا أيّها المرهقون المثقلون، وأنا أريحكم« (متّى ١١: ٢٨) والوسادة التي يضع المسيح المعذّب في هذا الكون رأسه عليها. فلنعد إلى الأصالة ولنحي قيم الأمس قيم اليوم وكلّ يوم لأنّنا أبناء الرجاء فلنكن الرجاء لغيرنا ولنحي القيم الإنسانيّة في الأرض، فلنكن رسل السلام في زمن قلّ فيه السلام وغادرته السكينة وجال في ميدانه وحش الكراهيّة البغيض وعجلة المفاسد اللعينة. لأجل محبّته لنا، وهبنا اللَّه ابنه مخلّصًا، فلنكن مخلَّصين ومخلِّصين عالمًا أفسدته تعاسـة الزمـان المرّ وحمـأة الفساد القاتل. ولنكن بحقّ رسل القيم الحقيقيّة والجمالات السماويّة الخلاّقة في الأنام.l

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search