مجلة النور العدد الثاني – 2023
تكرّم الكنيسة الأرثوذكسيّة القدّيس يوحنّا المعمدان لخدمته، وحياته المقدّسة. فقد مزج الجرأة بالتواضع. إنّه متواضع، وفي الوقت ذاته، جريء، معترف وشاهد لمسيّا المسيح، ومحقّق لمشيئة اللَّه. حياة القدّيس يوحنّا المعمدان هذه جعلته متمّمًا لخطّة اللَّه الخلاصيّة من أجل العالم عبر أنّه سابق، ومعمّد للربّ، ونبيّ اللَّه، الذي يصل العهد القديم بالعهد الجديد.
1- لماذا يصوّر بأجنحةٍ؟
رأى النبيّ ملاخي في هذا السابق ملاكًا يسير أمام وجه الربّ (ملاخي 3: 1؛ مرقس 1: 2؛ لوقا 1: 76). لم يقل أمام الربّ، بل أمام وجه الربّ، لأنّ الابن هو أيقونة الآب، إنّه وجه اللَّه الملتفت نحو البشريّة. إذًا، رأى النبيّ ملاخي أنّه يسير أمام وجه الربّ، الذي سيتجسّد. لهذا يرسم في الأيقونة الأرثوذكسيّة بوجه ملاكٍ ذي أجنحةٍ، له جسد. القدّيس يوحنّا المعمدان هو مهيّئ للرهبنة المسيحيّة، لأنّ والدته أليصابات هربت من هيرودوس لتنقذ حياة طفلها وعاشا كلاهما في الصحراء، بقليلٍ من الغذاء، وسبل العيش (لوقا 1: 80).
2- ماذا يعني اسمه؟
يوحنّـا، وفي اللغة العبريّة «يوحنّان»، يعنى اللَّه يتحنّن، أو المحبوب من اللَّه.
3- ماذا يعني أنّه «سيعيد قلوب الآباء إلى الأبناء»؟
بعد أن انفتخ فم الكاهن زكريّا ولسانه، والد القدّيس يوحنّا المعمدان، امتلأ من الروح القدس، وتنبّأ بأن يكون هذا الطفل عظيمًا أمام اللَّه، وسيعيد قلوب الكثيرين من الآباء إلى أبنائهم (لوقا 1: 57-80). لم يقل ليعيد قلـوب الأبـناء إلى آبائهم، بل قلوب الآباء إلى أبنائهم. رأى بعض آباء الكنيسة القـدّيـسين فـي نبوءة الكـاهن زكـريّا هـذه عملاً سرّيًّا لفعل الروح القدس، وهو أنّ هؤلاء الآباء الذين سيعودون إلى أبنائهم هم اليهود، الذين سيصيرون مسيحيّين، لأنّ الجيل الجديد من الشعب اليهوديّ سيـكـون للمسيحيّين الـذين آمـنوا بالمسيح. إذًا، نرى حـتّى منذ ولادتـه، كـان القدّيس يوحنّا المعمدان رجلًا للَّه وخادمًا له، الذي يتمّم خطّة اللَّه، ألا وهي إعادة الكثيرين من اليهود إلى اللَّه.
4- ماذا يعني «أن نكمّل كلّ برٍّ»؟
أصرّ يسوع المسيح على أن يعتمد من يوحنّا، رغم أنّه لا يحمل خطيئة، قائلًا: «هكذا ينبغي أن نكمّل كلّ برًّ» ( متّى 3: 15)، أي لنكمّل خطّة اللَّه الخلاصيّة من أجل العالم، وكلّ ما رتّبه اللَّه.
5- بماذا تنبّأ القدّيس يوحنّا المعمدان؟
تنبّأ بحضور الروح القدس في العالم، عندما سيعمّد ثلاثة آلاف نسمة في اليوم الخمسين، بهيئة ألسنة نارٍ. لذلك قال: «أنا أعمّدكم بماءٍ للتوبة، ولكن الذي يأتي من بعدي هو أقوى منّي، هو سيعمّدكم بالروح القدس ونار» (متّى 3: 11؛ لوقا 3: 16)، أي أنّه سيعمّدكم بألسنةٍ ناريّة.
عندما قال «هوذا حمل اللَّه الذي يرفع خطيئة العالم» (يوحنّا ١: 29)، تنبّأ بأنّ ذبيحة المخلّص يسوع المسيح لحمل خطايا العالم، أو خطيئة العالم، ستكون في الفصح اليهوديّ، عندما يقدّم الحمل الفصحيّ ذبيحةً. الحمل الفصحيّ كان صورة مسبقةً للمسيح. هذه النبوءة بأنّ (المسيح) هو الحمل الذي يرفع خطيئة العالم تمّ تأكيدها بقول القدّيس بولس الرسول حول ذبيحة المسيح: «المسيح فصحنا، قد ذبح لأجلنا» (1كورنثس 7). أي ذبيحته على الصليب هي ذبيحة فصحيّة.
إنّه الحمل الفصحيّ الذي سبق فعاينه الأنبياء قديمًا، بفعل الروح القدس، بدءًا بحمل الفصح، الذي كان اليهود يتناولونه ليتذكّروا عتقهم من مصر، أرض العبوديّة، بعبورهم البحر الحمر. لكنّ، المسيح يعبر الآن، بالذبيحة الدمويّة على الصليب، وعتق البشر من الخطيئة والموت، بقيامته المقدّسة.
6- من أجل من يتوسّط بنوعٍ خاصّ؟
يوجد القدّيس يوحنّا المعمدان في أيقونة الشفاعة، الدينونة الأخيرة، إلى يسار المخلّص، في حين تقف والدة الإله إلى يمين المخلّص، كلاهما يتشفّعان أمام الديّان العادل من أجل الذين تابوا عن خطاياهم، ولكن لم يكن لديهم الوقت الكافي للقيام بأعمال التوبة.
وفي الوقت ذاته، كون القدّيس يوحنّا المعمدان ولد من أبوين متقدّمين في السنّ، صار شفيعًا للعائلات، وعونًا لتلك التي تتمنّى أن يكون لها أطفال، أو تتبنّى أطفالًا، أو لها أطفال وتشكر اللَّه من أجل بركاته وعطاياه هذه.
7- كم يومًا نعيّد للقدّيس يوحنّا المعمدان؟
تكرّم الكنيسة القدّيس يوحنّا المعمدان بصورةٍ مميّزةٍ، حيث تخصّص له ستّة أيّامٍ في تقويمها.
23 أيلول – الحبل بولادة القدّيس يوحنّا المعمدان
7 كانون الثاني – عيد حافل للقدّيس يوحنّا المعمدان
24 حزيران – ميلاد القدّيس يوحنّا المعمدان
29 آب – قطع رأس القدّيس يوحنّا المعمدان
24 شباط – العثور الأوّل والثاني على هامة القدّيس يوحنّا المعمدان
35 أيّار – العثور الثالث على هامة القدّيس يوحنّا المعمدان.