بعد هذا الكمّ الهائل من النزاعات والخصومات والحروب والمشاكل لإنسان اليوم والعصر في غير بيئة وزمان ومكان، وبعد هذا الانفلات اللاأخلاقيّ والاجتماعيّ في غير مجتمع وبلد وموطن، يطلّ علينا جواب والدة الإله السيّدة العذراء يوم البشارة، ولدى جوابها الملاك جبرائيل قائلة «إنّي أمة الربّ، فليكن لي كما قلت» (لوقا ١: ٣٨) ليعطينا درسًا وقدوة في التعامل البشريّ والتواضع أمام صوت الربّ في حياتنا، والهدوء وأهمّيّته في جلب السلام والطمأنينة للإنسان الفرد وتاليًا للمجتمعات والأوطان، ولا ننسى فضيلة الإصغاء التي كادت أن تمحى عن خريطة التعامل الإنسانيّ والبشريّ العامّ والخاصّ. وأهم من كلّ ذلك الثقة باللّه الواحد الأحد القدير على كلّ شيء، وضرورة التسليم لمشيئته الربّانيّة الإلهيّة المقدّسة...
يصعب على البعض تطبيق بعض من هذه النصائح والقدوات، كما يصعب على البعض الآخر مجرّد التفكير بذلك كلّه، لما للانشغالات الدنيويّة الاستهلاكيّة النفعيّة من مقام أوّل في حياتهم.
لكنّ الكلمة الإلهيّة وكما علّمها السيّد المسيح تقع في تربات وأمكنة عدّة، يبقى للنعمة الإلهيّة الدور الفاعل في تحفيزنا على تلقّف الكلمة الإلهيّة تلك، والنصيحة الأبويّة عينها والسير بها حتّى النهاية. والأهمّ الاستعداد الداخليّ الشخصيّ للتواضع أمام عظمة الكلمة الإلهيّة والإصغاء إليها وأهمّيّته في تربية الأجيال والأمم سبل الخلاص من كلّ شرّ وفساد. أمّا للثقة باللّه عزّ وجلّ فله كامل المكانة في علاقة الإنسان بالعلويّات وانعكاسها على علاقته بالأفقيّات. والأهمّ الأهمّ التسليم للمشيئة الربّانيّة الإلهيّة المقدّسة التي لها الدور الكبير في بناء مجتمعات جديدة وخليقة جديدة وأوطان جديدة مفعمة بالقداسة والفضائل والمكارم.
ألا أعطنا ربّي حسن الإصغاء وخير التواضع وكمال التسليم للمشيئة الواحدة، لنبقى على صورة الخالق كمثاله، ونبقى خمرة معتّقة لمجتمع جديد وخليقة جديدة ونغدو عالمًا أكثر سلامًا وعافية وخلاصًا. آمين.