العدد الأوّل - سنة 2021

01 - الافتتاحيّة - يا اللَّه - الأب إيليّا (متري) - العدد 1 سنة 2021

أناديك.

كلّما ناديتُك، أشعر بك. لا أفاخر بنفسي. هذا أنت، أنت إله حاضر، كريم، إله مُعطى أبدًا.

لا أفترض شيئًا. أسأل عن انشغالاتك.

أسمع العالم يُطالب بك. «لعازر حبيبك مريض»، صارت دنيا، مدنًا وقرًى. الوباء يضرب الأرض. الناس جميعهم يستدرّون معونتك. المرضى. المتروكون في ظلام الوحدة والمجهول. المحجورون. الخائفون. القلقون على مصيرهم ومصير أحبّائهم.

أفهمك. لا، بل هذا ما يزيدني تتيُّمًا بك. لا تتركني أحكي. يصيبني حبّك بدوار.

أتصوّرك تدخل بيتًا، وتترك آخر إلى آخر. تنتقل من بيت إلى بيت، من مستشفى إلى مستشفى. أنت موجود في كلّ مكان، موجود فينا، على الطرقات، على أبواب المستشفيات المتهالكة من الخوف والأجساد المتراكمة، موجود في بيوت خائفة، بيوت تصرخ من الوجع والوحدة...، في هؤلاء الذين لم تستحقّ الدول وعلومها وسياساتها الصحّيّة... أن تردّ عن عينَيهم الضياع، أن تفتح لهم كوةً على الضوء، أن تكسر وحدتهم، أن تطرد عنهم عدوًّا يستعملهم، يستعمل أجسادنا، ويحاربنا في الظلمة...

ماذا تفعل؟

يمكنني أن أعرف. لكنّي أحبّ أن أسمع الأشياء منك. أنت، متى حكيت، تخرج الأشياء منك أحلى. مَن يحكي مثلك؟! هل تظهر لي؟ هل تكشف نفسك، اليوم؟ هل تقول لي كلمةً من فمك؟

اكشف لي سرّك من جديد. اكشف سرّ محبّاتك الجديدة. يا أيّها الإله الذي لا يتعب من الحبّ، «قلْ كلمةً فقط».

أتريدني أن أقول؟

سأقول.

أراك في كلّ غرفة، أمام كلّ جسد، في كلّ جسد. أراك مريضًا وزائرًا. نحن إمّا مرضى أو أشخاص محجورون أو ممنوع عليهم أن يخرجوا إلى مريض أو من الممكن أن يكون مريضًا. اليوم، أنت تفتقر إلى الحبّ، وتقوم بالحبّ. تقوم بالحبّ عن الكلّ، عن العالم كلّه. تشارك المرضى في أسرّتهم، وتزورهم. أنت، اليوم، المفتقَد والمفتقِد، المُزار والزائر، المريض والعائد والطبيب. «كنتُ مريضًا، فعدتموني»، أنت كلّها بتفاصيلها، بأفعالها التي تجمع الحاضر والأبد، خوف الأبد، وجَمال الأبد. أنت تتجلّى اليوم، ببلاغة عجيبة، كلمةً وفعلاً.هل أنت سوى متجلٍّ أبدًا؟

هل أسمع بابي يُقرَع؟

هل أنت وراء الباب؟

أنا أيضًا، مثلي مثل جميع الناس، أطلب أن تزورني، اليوم. لا أغار من الذين انشغلتَ فيهم. أطالب بما أنت تعطيه! لا أستحقّ! ألجأ إليك، إلى كَرَمِك، إلى حبّك المجّانيّ. تعال إليَّ. تعال. وقتي معي. لا أريد منك سوى أن تأتي، وتروي لي عن الوحدة والقربى، عن الوجع والصحّة...، عن كلّ ما تراه اليوم، وتفعله اليوم، عن يدك الممدودة، القديرة، عنك تصرخ في وجه كلّ عاصفة أن تصمت، عن أسرّة مثل صليب، وعن قيامات عظيمة. أنت رواياتك كثيرة، وأنا وقتي معي، وقتي لي، لك. إن كنتَ لا تريد أن تروي، لا بأس. تعال، «أرني وجهك». لن أقول لك: عندي أمراضي. لن أغريك بما تعرفه. إن كان وقتك يسمح، عندي لك رواية، رواية جديدة، جديدة أي عنك. هل يوجد أجمل منك؟ لا يوجد. هل ثمّة مَن هو أبلغ منك؟ لا. تعال. هل يوجد مَن هو، مثلك، لا يتعب من الحبّ، لا يكلّ من العمل؟ لا، لا يوجد. عندي لك، ممّا لك، أودّ أن أرويه لك. تعال. العالم، بما تفعله اليوم، بهذا الحبّ الواحد مع الأجساد، المهدّدة والمنبهرة، صار قدّاسًا كلّه. تعال، لنصغي، لنأكل، لنسلم، ولنخرج بسلام.

أعرف أنّك هنا!

Loading...
 

 

الأعداد

© حقوق الطبع والنشر 2024 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search