قصّة عشق
لولو صيبعة
هذه سلسلة جديدة تقوم بها مجلّة النور، وتلتقي فيها أشخاصًا أخلصوا الودّ ليسوع المسيح، فكانوا من أخصّائه. وهي تستعيد معهم مراحل من حياتهم ومحطّات من حياة حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة.
اللقاء الأوّل كان مع سيادة راعي أبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما جبل لبنان، مؤسّس حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة وملهمها على مدى خمسة وسبعين عامًا. إنّه سيّد الكلمة الذي تبع يسوع ولم يشأ أن يعبد ربًّا سواه، فكان اللَّه معشوقه. إنّه المطران جورج (خضر) الذي استقبلنا في دار المطرانيّة في برمّانا صباح السبت الواقع فيه التاسع من تشرين الثاني 2017، وكان لنا معه هذا الحوار.
خمس وسبعون سنة مرّت على تأسيس الحركة كيف ترى الحركة اليوم؟
الحركة اليوم هي كما كانت في الأمس بمعنى أنّ هناك من عاش في حياته اليوميّة، ما عاشه الأقدمون والمؤسّّسون والذين أخلصوا للرسالة ومنهم من لم يخلص، ولكن عندما نتحدّث إلى الشباب، يعني إلى الناشئين في الحركة، نرى أنّهم فهموا ما فهمناه نحن، وأنّهم تحرّكوا في نفوسهم كما تحرّكنا نحن. لا أرى هبوطًا في الهمّة أو تأخّرًا في الفهم. الأجيال تتعاقب بصدق وإخلاص بالعمق، ومن هنا خمس وسبعون سنة مرّت والحركة واضحة في النفوس، قويّة فيها، والأموات أموات والأحياء أحياء، ولكنّي لست أحزن على بعض ما أرى، هذا موجود دائمًا هناك ما يحزن النفس، هناك ضعفاء وأناس لا إخلاص لهم، ولكن أيضًا هناك أناس جميلون ويحيون في المسيح يسوع مهما صغرت أعمارهم أو مهما كبرت. من هنا أحيا بهذه الأجيال.
أرى دائمًا نفوسًا محبّة للمسيح، الحركة كلّها في صميمها، في منطلقها، وفي منتهاها ليست إلاّ رؤية جمال يسوع، وهذا متوفّر في صفوفنا، أجد هذا، يومًا بعد يوم في مَن ألتقيهم ولذلك ليس عندي يأس إطلاقًا.
ما هي رسالتك إلى المؤتمر الحركيّ الذي سينعقد قريبًا؟
لستُ متتبّعًا لتفاصيل الحياة الحركيّة اليوميّة، والأمور العمليّة هنا وهناك، ولكن إذا اكتفيت بالمبادئ أقول اليوم للشباب، حافظوا على الوديعة التي استلمتموها لا يضاف شيء إلى الوديعة، تعطى تفاسير، تتحرّك عقولٌ، وتنجلي نفوسٌ، ولكن كلّ هذا مبنيٌّ على الحقيقة التي تسلّمناها نحن منذ تأسيس الحركة. لا يضاف شيء إلى هذا، ولكن تتعمّق أو لا تتعمّق، تكون تافهًا أو لا تكون تافهًا، واللمعان ظاهر على وجوه هؤلاء الشباب أو بعض منهم، اشتعال الروح القدس هذا موجود. حيويّة الكلمة عند بعض منهم، عند الخطباء منهم، هذا أيضًا موجود، نحن ماشون.
ما هو الجديد الذي طرحته الحركة على الكنيسة الأرثوذكسيّة والحياة التقديسيّة؟
لا أظنّ أنّ الحركة أدخلت أشياء جديدة على الكنيسة، هي ذكّرت الكنيسة بما يجب أن تكون عليه، أي برسالتها الإلهـيّة الأزلـيّة، ونحن في الأرثوذكسيّة بمعنى خاصّ نحافـظ على التـراث، لا نخترع كلامًا جديدًا أو رؤية جديدة، هذا غير موجود، هذا يكون شيئًا بشريًّا، نحن نتعمّق، نذهب إلى أعماق المسيح ونتحرّك، من هنا أتت هذه التسمية حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة، ما كنّا جمعيّة أو مؤسّّسة، أو شيئًا كهذا، نحن واقفون هنا.
ما هي رسالتك إلى الشباب الذين يريدون التكرّس ويرغبون في خدمة الكنيسة؟
يجب ألاّ ييأسوا من المطارنة أوّلاً ومن التفاهة، ومن تكرار الموجود، ومن المادّيّة في صفوف الأولياء والمسؤولين وبدرجة أولى العلمانيّين الكبار والصغار. تطرح الأشياء كما هي في قلب المسيح. ماذا يريد السيّد؟ لا سؤال آخر؟ أين نحن من يسوع؟ لا يوجد شيء إلاّ يسوع. هناك أناس غارقون في الكنيسة لا يرون وجه المسيح، بل الطقوس ومطارنة وبطاركة وكثير من الأشياء لا يوجد حياة فيها، فالذي حيا في الحركة وتغذّى في الحركة، لا يعجبه شيء من الموجود إذ يرى الأشياء تموت أمامه، يرى الحماسة تفنى. كهنة ومطارنة كثر لا يعرفون أنفسهم لماذا هم في هذه الرتب، وهذا موجود. نحن أمّة جديدة في الحركة، إذا كنّا حركيّين حقيقيّين نـحـن أمّة جـديـدة، بمـعنى أنّنا نُذكّر بالحبّ الأوّل كما يقول الكتاب.
هل أسهمت الحركة في التكريس الرهبـانيّ والكهنـوتـيّ: هذا كلّه آتٍ من التوهّج الذي يحصل من وقت وآخر في صفوفنا، يحبّ الكهنوت أو مـن دعـيّ إلـيـه يـتبعـه آخـر، كـلّ القصّـة قـصـّة تشـبّه بالكـبار هـذا كـان رهبـانــيًّا فـي فـتـرة طــويــلــة أرجــو ألاّ تكون زالت، ترى أنت من اتّبع الروح القـدس وتتبعه، هذا ما جرى في الحركة بالحقيقة، رأوا بعضهم بعـضًا يتقدّسون، يفهمون، يناقشون في الحقّ، وتنجلي الأمور، ونمشي وراء كبارنا ونحيا بهم، وهذا ما يحصل.
في 30 تشرين الأوّل 2017 كتبت افتتاحيّة رعيّتي بعنوان »توبوا« إلى من تتوجّه بهذا النداء؟
إليّ بالأوّل، أنا رجل خاطئ في حضرة المسيح، أتوجه إلـى ذاتـي كـي أعـود إلـيـه، إلى وجهه، كيلا يلهيني وجه آخر.
كلمة أخيرة
يا إخوة تمسّكوا بالكلمة، لا يضاف شيء إلى الكلمة التي نزلت علينا منذ البدء. من عاش في ما خرج من فم يسوع يبقى ضمن يسوع، لا يطلب منك أن تضيف شيئًا إلى هذا ولا يضاف شيء إلى هذا، أنت تَمسّك بما أُسّّست عليه التي هي كلمة اللَّه، نحن مبشّرون بهذه الكلمة بالأساليب والتعابير الجديدة، ولكنّها هي هي التي لا حياد عنها، ويعني هذا أن ننحت حياتنا الشخصيّة بقوّة هذه الكلمة، أن نبني نفوسنا وعقولنا وأفكارنا ومشاعرنا على هذه الكلمة التي تحيي، ومن بعد هذا يرى الناس أنّنا أحياء وأنّنا أقوياء بالروح القدس، وهكذا نمشي وهكذا نبقى. الروح القدس هو الذي يحينا يومًا بعد يوم ويجعلنا ناسًا جددًا.
والسلام. n