2011

10 – آراء ومواقف - من ممارسات ضارّة - الشمآس جورج شلهوب - العدد 2 سنة 2011

 من ممارسات ضارّة

الشمآس جورج شلهوب

 

تلاحظ، في هذه الرعيّة أو تلك، بعض عادات أو ممارسات في أداء الخدمة الليتورجيّة، هي، في واقعها، غريبة عن تراث كنيستنا، بل تخالفه. وأعني، هنا، بخاصّة، موقع العظة في خدمة القدّاس الإلهيّ. فبعض الآباء الكهنة تراهم ينقلون العظة من مكانها، بعد تلاوة الإنجيل، إلى ما قبل مناولة جسد الربّ ودمه. وحجّتهم، التي لا تبرّر، أن يستفيد عدد أكبر من كلامهم، إذ يكثر عدد المؤمنين الذين تعوّدوا أن يأتوا متأخّرين إلى الخدمة.

أبدأ بما ورد، في القانون الـ19، من مجمع اللاذقيّة في فريجية، الذي انعقد في العام الـ364. نقرأ: »بعد أن يُلقي الأسقف عظته، يجب أن تُتلى صلاة الموعوظين أوّلاً وحدها. وبعد أن يخرج الموعوظون، تتلى الصلاة لأجل التائبين. وبعد أن يمرّ هؤلاء تحت يد الأسقف وينصرفوا، تُتلى صلوات المؤمنين الثلاث... ثمّ تُعطى قبلة السلام. وبعد أن يقبّل القسوس الأسقف، يقبّل الشعب أحدهم الآخر، ثمّ تكمل خدمة التقدمة المقدّسة...«. هذا القانون يوضح ترتيب الخدمة الأساس. ويمشي، في إثره، البيذاليون الذي يتبع هذا القانون. نقرأ: »يُلقي الأسقف (أو الكاهن، طبعًا) عظته بعد قراءة الرسالة والإنجيل«. من الواضح، هنا، أنّ الوعظ يرتبط، ارتباطًا صميمًا، بتلاوة الرسالة والإنجيل، أي بخدمة الموعوظين، أو بما يسمّى، عندنا، »خدمة الكلمة«. إنّه توزيع للكلمة الإلهيّة إلى مؤمنين سمعوها. ويجب أن نلاحظ أنّ كاتب القانون يستعمل لفظة »تكمل«، التي توضح أنّ مسيرة القدّاس هي تكامل، ما يأتي بعد يكمّل ما تمّ قبله.

لا شكّ في أنّ حجّة أنّ المؤمنين، قبل المناولة، يزداد عددهم تحمل، في طيّاتها، خطرَين كبيرين. أوّلهما أنّ المؤمنين قد يجدون، في هذا، تشجيعًا على أن يأتوا متأخّرين إلى القدّاس بدلاً من »أن يبكروا إلى القيام« والمجيء. والخطر الثاني هو أنّ موقف الواعظ نفسه، من حيث يدري أو لا يدري، يظهره كما أنّ كلامه أهمّ من كلام الإنجيل عينه. وما بين الخطرين خطر الموافقة الضمنيّة على أن يأتي الناس، أو بعضهم، أو معظمهم، متأخّرين! وهذا، الذي يعاقب الإخوة الذين يحترمون مطلع الخدمة وقد يشتّتهم، يفترض أن نسأل (افتراضًا لا يشجّع عليه): لماذا لا يغيّر الكاهن، إذًا، موقع الرسالة والإنجيل، حتّى يستفيد من سماعهما العدد الأكبر من المؤمنين؟!

ممارسة أخرى: يُلاحَظ، أيضًا، أنّ بعض الكهنة، في أحد الشعانين، يقيمون »الزيّاح« قبل المناولة. لِمَ؟ ليس من جواب سوى أنّ الكهنة يعتمـدون على جهـل بعـض المؤمنين، أو الكثير منهم، الذين يأتون إلى هـذه الخـدمة مـن أجل أن يزيّحوا أولادهم فقط. وهكـذا يتـركــون، أو نساعدهم على أن يتركوا، من دون أن يتناولوا! وهذا نتيجته تريح الكهنة الذين يناولون عددًا أقلّ! فمن أجلِ الراحة، أجلْ من أجل الراحة!، ينسى بعضنا (الكهنة، للأسف!) أنّ قمّة القدّاس الإلهيّ أن يتناول المؤمن جسد الربّ ودمه. هل هذا إعلان اعتقاد أنّ بعض المؤمنين لا يستأهلـون لأن يتنـاولوا؟ ألا يعني هذا تمييزًا بين شعب اللَّه (مستحقّين وغير مستحقّين)؟ ومن يستحقّ؟! وهل مثل هـذه الممــارسة الغريبة جرح للنعمة التي تقدر، وحدها، على أن تصنع العجائب، فتحوّل من يُرى موسميًّا إلى شخص لا مثيل لالتزامه؟

القدّاس الإلهيّ خدمة مترابطة متكاملة موحّدة عسى ألاّ تخضع للأمزجة.l

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search