تركيا
قرار جائر حوّل كاتدرائيّة آيا صوفيا إلى جامع
أصدرت السلطات التركيّة قرارًا قضى بتحويل كاتدرائيّة آيا صوفيا في إسطنبول إلى جامع. لاقت هذه الخطوة استهجان العالم الأرثوذكسيّ وتقاطرت رسائل الشجب إلى مقرّ البطريركيّة المسكونيّة في الفنار، كانت من أبرزها رسالة غبطة البطريرك يوحنّا العاشر وغبطة البطريرك كيريل وغبطة البطريرك ثيوفيلوس.
وفي التفاصيل، استنكر غبطة البطريرك يوحنّا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، القرار التركيّ بشأن كنيسة الحكمة المقدّسة في القسطنطينية. موقف البطريرك جاء في رسالة بعث بها إلى البطريرك المسكونيّ برثلماوس جاء فيها:
الأخ الكلّيّ القداسة،
«كجلال الجَلَد العقليّ أظهرت حسن المسكن المقدّس السفليّ مسكنِ مجدك يا ربّ. فشدّده إلى دهر الداهرين واستجب لنا نحن المقدّمين لك فيه التضرّعات بلا انقطاع بشفاعة والدة الإله، يا حياة الكلّ وقيامتهم».
بهذه الكلمات اختارت يراع ناظم التسابيح وصف كنيسة الحكمة المقدّسة التي دشّنت في القسطنطينيّة أواسط القرن السادس. وبهذه الكلمات دشّنت كنيسة القسطنطينيّة المقدّسة، ومعها كلّ مسيحيّي المشرق، هذه الدرّة الكنسيّة والمعماريّة المقدّسة والنفيسة ناظرةً فيها شيئًا من بهاء المسكن السماويّ مسكن اللَّه القدّوس العليّ. وقد بقيت الكلمات ذاتها في الليتورجيا الكنسيّة وكأنّها تذكّرنا بأن مجد الأرض فيه شيء من مجد السماوات مهما تسامى ذاك الآخر عليه. صحيحٌ أنّ مجد السماوات هو مجد النفس العامرة بالتواضع، لكنّ هذا لا يلغي أنّ عين الإنسان توّاقة أيضًا لترى شيئًا من عظمة السماء ومن رمز السماء هنا على الأرض. إذ نقول كلّ هذا يرتسم أمامنا لاهوت كنيسة أنطاكية التفسيريّ والذي ينطلق من الملموس والعينيّ ليداني غير الملموس ويشدّد على الجسد كما يشدّد على الروح أيضًا.
إذ نقول كلّ هذا ترتسم أمامنا صورة كنيسة الحكمة المقدّسة في القسطنطينيّة والتي يعكس مجدها الأرضيّ شيئًا من عظمة السماويّ. نقول هذا وكلّنا يعرف تاريخ هذه الكنيسة وما آلت إليه في مطلع القرن العشرين. نقول هذا ونحن نعلم نوازل التاريخ وصواعده التي أدّت إلى تحويلها متحفًا في القرن الماضي.
أيّها الأخ الكلّيّ القداسة،
سمعنا وببالغ الأسف قرار الحكومة التركيّة تحويل كنيسة الحكمة المقدّسة من الوضع الذي كانت عليه إلى جامع. نأسف لهذا القرار ونعبّر عن استنكارنا وشجبنا لكلّ ما يمكن أن يزيّف الهويّة التاريخيّة لبلادنا. إنّ القرار الأخير يصبّ في خانة تهميش الوجود المسيحيّ في الشرق إن لم نقل محاولة الإجهاز على ما تبقّى من دور رياديّ ووجودٍ مسيحيّ متعايش بسلام مع بقيّة المكوّنات الدينيّة؛ وشواهد التاريخ على التسامح والأخوّة الدينيّة ضمن الاحترام المتبادل هي كثيرة. يأتي هذا القرار لينسف كلّ الجهود التي تتطلّع عبرها دول هذا الشرق لبناء دول المواطنة التي تحترم التنوّع الدينيّ وتعزّز قيم العلمنة الإيجابيّة. فإذ به يعود إلى نكء جراحٍ تعزّز، ويا للأسف، التطرّف وإلغاء الآخر.
نحن معكم أيّها الأخ الكلّيّ القداسة في وحدة صلاة من أجل كنيستكم المقدّسة ومن أجل هذا الشرق الجريح. نحن معكم في كلّ جهدٍ تضعونه لتعزّزوا وجودكم في أرضكم وأرض أجدادكم في كنيسة القسطنطينيّة روما الجديدة التي تربطنا إليها كلّ أخوّةٍ ووحدة إيمانٍ بيسوع المسيح ربًّا ومخلّصًا.
وإذ نعانق قداستكم في المسيح، ننقل إليكم تضامن مؤمنينا في كنيسة أنطاكية وسائر المشرق، ونسأل الربّ المخلّص أن يمنحكم سنين مديدة في خدمة الرعيّة المقدّسة موردين إيّاها منابع الخلاص».
وجاء في رسالة غبطة البطريرك ثيوفيلوس، بطريرك كنيسة أورشليم: «بحزن وأسى عميقين نعبّر عن أسفنا إزاء هذا القرار الجائر الذي اتّخذته الحكومة التركيّة بشأن هذه الكاتدرائيّة البيزنطيّة التي سحرت بجمالها وطرازها العالم بأسره، وهي تزخر بتاريخ مسيحيّ مجيد يعود إلى القرن السادس. على مرّ الأجيل عاشت شعوب المنطقة تحدّيات خلّفت ذكريات أليمة. ومع ذلك حافظت تركيا على آيا صوفيا متحفًا وصرحًا محايدًا يؤمّه العالم كلّه على مختلف مشاربه ومعتقداته، ليتأمّل هندسته وروحانيّته وعظمته التاريخيّة.
كاتدرائيّة آيا صوفيا اليوم تبقى رمزًا للتسامح الدينيّ، يجد المرء بين حناياها التجدّد الروحيّ، وهذا القرار لا يفيها حقّها، فهي كانت وستبقى مصدرًا للوحي ولتمجيد الخالق تعالى.
نشدّد على أنّ هذه الخطوة تعزّز النزاع والاقتتال ولا تحترم حقوق الأديان الأخرى، وعلى تركيا أن تحافظ على مكانتها في هذه المنطقة في سبيل التعايش السلميّ بين الأديان الإبراهيميّة الثلاثة، وأن تبقي على كاتدرائيّة آيا صوفيا ملاذًا للعالم بأسره.
وفي هذا الإطار صدر بيان عن المجمع الأرثوذكسيّ الروسيّ المقدّس، الذي انعقد برئاسة غبطة البطريرك كيريل، وهذا بعض ما ورد فيه: «إنّ مجمع الكنيسة الروسيّة المقدّس يأسف عميق الأسف لهذا القرار بتحويل آيا صوفيا إلى جامع».
لقد اتّخذ هذا القرار بغضّ النظر عن العرائض التي قدّمت، وعن مواقف الرئاسات الأرثوذكسيّة الروحيّة في العالم أجمع، وضربت السلطات التركيّة عرض الحائط بمناشدات ممثّلي الدول الأجنبيّة والمنظّمات غير الحكوميّة ومنظّمات حقوق الإنسان ورجال الدين من مختلف الطوائف والمذاهب. كما أنّ هذه الخطوة جرحت مشاعر ملايين المسيحيّين، وقد تؤدّي إلى خلل في التوازن الإيمانيّ والعلاقات المسيحيّة الإسلاميّة في تركيا وخارجها.
في وقت تتعرّض فيه المسيحيّة للاضطهاد في أكثر من بلد، إضافة إلى هجرة المسيحيّين من دول الشرق الأوسط، يأتي هذا القرار ليزيد من تفاقم الأوضاع.
بنيت كاتدرائيّة آيا صوفيا لتكريم المسيح المخلّص وتبقى كنيسة في ضمير ملايين المسيحيّين. وبالنسبة إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة لهذه الكاتدرائيّة أهمّيّة تاريخيّة وروحيّة كبيرة.
نحن نناشد الكنائس المحلّيّة الشقيقة لتنسى خلافاتها التي أضعفتها تجاه التحدّيات المعاصرة وأفقدتها وحدة الموقف. واليوم في ظلّ الاضطهاد الذي تشهده الكنيسة والضغط المتزايد من جهة العلمنة والدهريّة المطلوب هو أن تتوحّد الكنيسة وأن تعمل الكنائس الشقيقة بروح السلام والمحبّة في المسيح بهدف تخطّي الأزمات المتراكمة.
نأمل أن تتّخذ السلطات التركيّة الخطوات اللازمة والضروريّة للمحافظة على الفسيفساء الثمينة التي بقيت بأعجوبة حتّى اليوم، وأن تؤمّن الدخول الآمن للمسيحيّين للتبرّك بها.
وفي الختام نعبّر عن أملنا في تمتين العلاقات بين المسيحيّين والمسلمين في إطار الاحترام المتبادل والتفاهم والأخوّة، وندعو المجتمع الدوليّ إلى العمل على إبقاء كاتدرائيّة آيا صوفيا متحفًا مفتوحًا أمام العالم أجمع.
تركيا
القدّاس الإلهيّ في كنيسة القدّيس نيقولاوس
أقيمت الذبيحة الإلهيّة في كنيسة-متحف القدّيس نيقولاوس في دمري، تركيا، برئاسة الأب جورجي سيرغييف راعي الجالية الروسيّة في البلاد. وكان ذلك بعد تخفيف حدّة الإجراءات المتّخذة نتيجة جائحة الكورونا.
ارتفعت الصلوات لوحدة الكنيسة الأرثوذكسيّة حول العالم، وحمايتها من الانشقاق والتشرذم والهرطقة، وللسلام في أوكرانيا وللحدّ من انتشار وباء كورونا وللعلاقات الجيّدة بين روسيا وتركيا.
شارك في الصلوات حجّاح من الجالية الروسيّة في أنطاليا، ومؤمنون من بيلاروسيا وأوكرانيا. وبعد القدّاس الإلهيّ شكر الأب جورجي السلطات المحلّيّة والجمعيّة الروسيّة للفنّ والثقافة في أنطاليا لجهودهما في إتمام هذه الخدمة. كما أقيمت صلاة خاصّة لراحة نفس أندريه كارلوف السفير الروسيّ لدى تركيا والذي اغتاله إرهابيّ في كانون الأوّل 2016.
روسيا
اكتشاف كنيسة أثريّة في نوفغورود
مؤخّرًا اكتشف علماء الآثار في روسيا كنيسة أثريّة في نوفغورود تعود إلى القرن الثاني عشر. ما تبقّى في حالة ممتازة هذا ما صرّح به معهد الآثار في الأكاديميّة الروسيّة للعلوم. المنطقة التي تمّت فيها الحفريّات تبلغ مساحتها 385 قدمًا مربّعًا، ولحسن الحظّ وُجد جزء من أساس كنيسة القدّيسين بوريس وغليب.
وبحسب الخبراء كنيسة القدّيسين بوريس وغليب بنيت على موقع كنيسة خشبيّة قديمة للقدّيسة صوفيا ويرجّح أنّها شيّدت بين 1167 و1173 على حساب أحد التجّار الأثرياء في المدينة. وفي القرن السابع عشر أهملت الكنيسة وانهارت.
تفيد الأبحاث أنّ الهيكل بُني على موقع الكنيسة القديمة في نهاية القرن الحادي عشر، وأنّ المنطقة أصبحت آهلة بالسكّان في القرن الحادي عشر بفعل خصوبة الأرض. وبحسب حجم الأساس وبعض المؤشّرات الأخرى يقترح العلماء أنّ ارتفاع الكنيسة بلغ 130 قدمًا.
اليونان
ذخائر القدّيس نكتاريوس
شهدت كنيسة القدّيس نكتاريوس في قرية بلاتانيتيس، وسط اليونان، سرقة ذخائر القدّيس المذكور التي كانت موضوعة في علبة أنيقة أمام الأيقونة. اقتحم السارقون الكنيسة في عتمة الليل وأخذوا الذخائر التي يتبرّك بها المؤمنون.
القدّيس نكتاربوس المولود في أواسط القرن التاسع عشر وبالتحديد في تشرين الأوّل من العام 1846 في منطقة سيلفريا، تراقيا، (في تركيا الحاليّة)، بدأ دراسته في القسطنطينيّة في سنّ الرابعة عشرة.
في العام 1904، وبطلب من عدد من الراهبات أنشأ ديرًا لهنّ في جزيرة إيينا وكرّسه على الثالوث القدّوس. وفي العام 1908 أقام القدّيس نكتاريوس في الدير الجديد وعاش فيه كراهب حتّى وفاته. حدثت عجائب كثيرة وأشفية بشفاعته.
رقد في 8 تشرين الثاني العام 1920 عن عمر ناهز الرابعة والسبعين ودفن في دير الثالوث الأقدس. وفي العام 1953 وزّع الدير بعض رفاته بين كنائس العالم الأرثوذكسيّ. أعلن مجمع القسطنطينيّة المقدّس قداسته في العام 1961 ويعيّد له في التاسع من تشرين الثاني.n
تركيا
القدّيس الجديد كالينيكوس مطران إذيسا
في الاجتماع الذي انعقد في 23 حزيران 2020، أضاف مجمع كنيسة القسطنطينيّة كالينيكوس أسقف إديسا، بيللا وألموبيا في اليونان إلى سنكسار القدّيسين.
وُلد القدّيس في 1919، سيم راهبًا في 1957 ثمّ كاهنًا في السنة ذاتها، في 1967 سيم مطرانًا، رقد في 8 آب 1984. في قرار إعلان قداسته تمّ تحديد عيده في الثامن من آب.
بعض الكلمات عنه لابنه الروحيّ الميتروبوليت ييروثيوس (فلاخوس) الذي عاش إلى جانبه خمس عشرة سنة، كان فيها واعظًا في الأبرشيّة. كان المتروبوليت كالينيكوس أسقفًا زاهدًا، وشخصيّة كنسيّة عظيمة، وقائدًا مباركًا وجذّابًا، ورجلًا أمينًا شفّافًا، عاش اللاهوت ممارسةً في حياته. كرئيس كهنة مصلوب ومُقام، تخلّى عن نفسه من أجل قطيعه وضحى بنفسه من أجل مجد اللَّه. بحبّه النبيل، أعطى يقين الحياة الحقيقيّة. وإذ تجلّى، انتصر على الموت وصار زينة لكنيسة المسيح.
فكره الكنسيّ، روحه الزاهدة، حماسته التبشيريّة، إخلاصه للَّه والكنيسة، كلامه المتجدّد ووعظه، خدمته الرعائيّة بأكملها التي قضاها «بخوف ورعدة»، محبّته للَّه وللآخرين، الطريقة التي واجه بها مرضه، وتسليمه الكامل لنفسه إلى العناية الإلهيّة، كلّ هذه أثارت إعجابنا. الكلمات التي قالها قبل وفاته بقليل، «أنا أسقف خاطئ، لكنّي أحبّ اللَّه والكنيسة» تظهر حالته الروحيّة. كان أسقفًا قدّيسًا اقتنى كلّ معايير القداسة وشروطها. يبقى موجودًا كما على قيد الحياة حتّى بعد وفاته. يشهد العديد من الأساقفة والكهنة والعلمانيّين على قداسته. المعجزات التي جرت بصلاته من إخراج شياطين وتدخّلاته العجيبة في علاج المرضى توضح أنّ اللَّه مجّده.
كان المتروبوليت كالينيكوس مطران إديسا، بيلا وألموبيا شخصيّة مقدّسة عاشت حياة قداسة وكانت له نهاية مقدّسة، نافس آباء الصحراء والنسّاك في نسكه وحبّه للَّه. طوال حياته، حقّق انتصارات عظيمة لمجد اسم اللَّه وظهر، كما يعني اسمه، شهيدًا منتصرًا. شهادات كلّ الذين عرفوه تقول بأنّه كان رئيس كهنة مبدعًا ينجز بهدوء أعمالًا رائعة ومهمّة، ويبقيها مخفيّة كما يخفي نفسه.