كنائسيّات
الكنيسة، غيتو ليتورجيّ؟!
المتروبوليت أنطوني بلوم
تعريب نجيب كوتيّا
القول إنّ «الكنيسة، جماعة شكريّة» لا يعني أنّها «غيتو ليتورجيّ». وحدة الكنيسة وهي كشف وحدة اللَّه في الثالوث، لا يمكن أن تُختصر بمجموعة منطوية على نفسها، في اكتفاء ذاتيّ مغلق، وتكون هي الجماعة الملتئمة.
طُرح هذا الموضوع في اجتماع السيندسموس الثاني عشر في بريطانيا من ١٧ إلى ٢٤ آب ١٩٨٦. كان هناك نداء حيّ لإعادة اكتشاف كهنوت كلّ مؤمن، للسؤال عن موقع المرأة، لأن يُسبَرَ غور الجماعة الليتورجيّة المدعوّة إلى أن تكون “جسد المسيح في أبعاد العالم” وأن تشِعَّ «نور المسيح المصلوب» حيث يَحكم الشرّ والموت.
منذ ما يقارب الخمسين سنة علّمونا، أو يمكن أن أقول، صَمّوا لنا آذاننا بأنّ الجماعة الشكريّة هي جماعة مسيحيّين مجتمعين في الكنيسة لكي يحتفلوا بالذبيحة الشكريّة المقدّسة وتَقَبّل المناولة. حقًّا هذا صحيح: الجماعة المسيحيّة ملتئمة، عابدة، متقبّلة من اللَّه عطيّة تناول جسد المسيح ودمه الأسمى، هي الكنيسة بمعنى معيّن.
غيتو إكليريكيّ أم صورة الثالوث؟
يجب أن نبدّد سوء التفاهم. لأنّنا أصبحنا سجناء وضحايا «لاهوت شكريّ» معيّن جعل من الكنيسة «غيتو ليتورجيّ». وحدة الكنيسة، التي يجب أن تكون كشفًا لوحدة الله في الثالوث، أصبحت تُفهَم خطًأ على أنّها شيء صغير، مجموعة أشخاص منطوين على نفسهم، مكتفين بذاتهم، يشكّلون الجماعة الملتئمة. مفهوم الجماعة الشكريّة على أنّها لاشيء غير ولا شيء أكثر من جماعة ملتئمة تحتفل بالذبيحة الشكريّة، الليتورجيا المقدّسة، قد أدّى إلى كوارث.
باديء ذي بدء، مهما كان الاحتفال الشكريّ عظيمًا، هو ليس كلّ الاحتفال. نَسِيَتْ جماعات كنسيّة كثيرة أنّه إلى جانب الإفخارستيّا هنالك في الكنيسة، أشكال أخرى من التعبير الصلاتيّ، سواء أكان ليتورجيًّا أم شخصيًّا: صلوات غروب، صلوات سحر، صلوات نوم، كثير من الاحتفالات التي استثمر فيها القدّيسون معرفتهم باللَّه وجاهدوا عبر هذه الصلوات ليمرّروا لنا هذه المعرفة، وهي صلوات غير معروفة في كثير من بقاع العالم. وما يحزِن أكثر هو أنّ الكثير من الناس لا يعرفون ممارسة صلاة فرديّة في وحدة كاملة. كثير من الناس لا يقدرون على أن يصلّوا إلّا عندما يكونون مجتمعين مع الآخرين، متناسين أنّه في قلب الصلاة هنالك هدوء الروح العميق، التأمّل، العبادة، والتسليم لله.
ولكنّ مفهوم «الليتورجيّ» أدّى، برأيي إلى خطأين. الأوّل هو رؤية مغلوطة للكنيسة، ترتكز على رؤية مغلوطة للاحتفال... تصوّرنا أنّ كنيسة المسيح يجب أن تكون مبنيّة كالهرم: على الرأس، محتَفِل، وعلى القاعدة مؤمنون؛ وهذه الهرميّة هي على كلّ الأصعدة: محلّيًّا، كاهن يَحْتَفِل ويرعى قطيعه، ثمّ أبرشيّة يديرها مطران، ثمّ مقاطعة يديرها متروبوليت، ثمّ كنيسة محلّيّة يديرها بطريرك... على كلّ مستوى، هنالك شخص «يَحلّ مكان المسيح»!
نَصِل إذًا إلى نوع من «البابويّة» يجعل من الكنيسة، في نهاية المطاف، هَرَمًا حقيقيًّا، لديه رئيس منظور، وهذا على كلّ الأصعدة، سواء أكان على صعيد الرعيّة أم على الصعيد الكونيّ...
وهكذا نكون قد جعلنا من الكنيسة شيئًا إكليريكيًّا، بناءً هرميًّا يخون لاهوتَنا عينه. هذه هرطقة من وجهة نظر اللاهوت الثالوثيّ، كما هي هرطقة من وجهة نظر اللاهوت الليتورجيّ. لأنّه لا يمكن لأحد أن يكون على قمّة الهرم إن لم يكن المسيح نفسه. ومن جهة أخرى يجب على الكنيسة أن تكون صورةً أمينةً للثالوث الذي هو ديناميكيّة حيّة لا يوجد فيها، بين أقانيمها، أيّ هرميّة «العالي» و«المنخفض»، ولكن توجد وحدة حبّ، وحدة كاملة تامّة، كرقصة كلّ شخص فيها يجد نفسه حيث وُجِدَ الآخر؛ وحدة كلّيّة حيث كلّ أقنوم وإن لم يكن الأقنومَ الآخَرَ، هو الآخَر. هذا المفهوم الليتورجيّ للجماعة الملتئمة، على أَنّها كلّ الكنيسة، أدّى إلى تركيبات تعسّفيّة تتجسّد بهرميّة كنسيّة، إكليريكيّة، غريبة تمامًا عن مفهوم الكهنوت الكونيّ لكلّ مؤمن وعن الكهنوت الخادم. كما أدّى هذا المفهوم إلى كنائس مبنيّة على الهرميّة الإكليريكيّة، من جهة، وعلى الخنوع إن لم نقل الخضوع المنافق، من جهة أخرى.
كلّ مؤمن هو كاهن
أعتقد حقيقةً أنَّ جعل الكنيسة جسمًا إكليريكيًّا، تراتبيًّا، يُختَصَر بالاحتفال الليتورجيّ، هو خيانة للأرثوذكسية. يجب أن نعيد اكتشاف الكهنوت الكونيّ للمؤمنين. الكهنوت الخادم لا يُفهم إلّا داخل جسم هو أمَّة كهنة. كلّ مؤمن هو كاهن بمعنى أنّ وظيفته هي أن يجعل جسمه مقدّسًا، وكذلك روحه، حياته، نشاطاته أيًّا تكن، وكلّ ما يحيط به. يجب أن يتنقّى- وهذه، هي الدعوة المسيحيّة، أن نبارِكَ باسم الربّ وأن نقود كلَّ شيء إلى ملء ما دُعِيَ أن يكون.
الوظيفة الخاصّة بالكاهن تكمن، داخل جسم المؤمنين، بدعم تضحية المسيح. على الجماعة المسيحيّة مع الكاهن أن يتعاضدوا مع هذه التضحية. الصورة التي أعطيتها، هي تحضير القربان الشكريّ. عندما يَقْسم الكاهن قطعة القربان ويحفر فيها شكل الصليب، لِيَدلَّ على تضحية المسيح، إن لم يهب ذاته لله في هذه اللحظة ويتّحد بموت المسيح، حاضرًا أن يخوض في حياته ومصيره كلّ ما كان في حياةِ ومصير المسيح، فهو غير محتَفِل، هو واحد من الذين صلبوا المسيح. وهذا صحيح لكلّ الجماعة المسيحيّة على المستوى عينه. بنتيجة أن ليس من فَصْل بين الجماعة والكاهن. الجماعة والكاهن لا يشكّلان إلّا واحد. ولكن، داخل هذه الجماعة، هنالك شخص أو آخر وظيفتهما أن يعبّرا أو يفعلا ما لا تستطيع الجماعة فِعْلَه جماعيًّا.
إهانة موجّهة إلى النساء
مشكلة أخرى ناتجة من هذه الرؤية التراتبيّة للكنيسة هي مكانة المرأة. الأرثوذكس يؤكّدون عددًا من الأمور من دون التفكير فيها. هذه التأكيدات هي إهانة موجّهة إلى المرأة، من دون أن نتكلّم على فقر اللاهوت الذي يدعم هذه التصريحات.
مكانة المرأة ليست مشكلة وجوديّة داخل الكنائس الأرثوذكسية المحلّيّة. الكنيسة الأرثوذكسية لم تستيقظ بعد على المشكلة: لقد وصلت إلينا من الخارج. ومن السهل القول إنَّ ما لم يكن لن يكون، بدلًا من محاولة فهم أنّ هنالك مشكلة. المشكلة موجودة لدى ملايين النساء على كلّ الأصعدة، على صعيد العائلة، على صعيد الوظيفة وعلى صعيد الكنيسة. المشكلة مغلوطة قليلًا بسبب الحركة النسائيّة، على صعيد السياسة والمجتمع، وهذه الحركة النسائيّة ليست مجهودًا لإعطاء المرأة مكانتها كمرأة، ولكن لإعطائها المكانة التي كان يمكن أن تُعطاها لو كانت رجلًا.
ولكن داخل الكنيسة، المشكلة يجب أن تطرح بطريقة مختلفة. يجب أن نأخذ بالاعتبار أنَّ المسيح ليس ذكرًا، المسيح هو الإنسان (بأل التعريف)، يحتوي إنسانيّة الجنس البشريّ برمّتها. طبعًا المسيح كان رجلًا بالمعنى الذكريّ للكلمة. ولكن هذا لا يعني أنَّ ما كانه، ما فَعَلَه، لا ينطبق على المرأة وعلى النسائيّة.
أعتقد أنَّ هنالك مشكلة يجب مقاربتها بكلّ جدّيّة. لقد صَرَفْنا أربعة عشر قرنًا لنَخْرجَ بلاهوت كاف عن الله، العلاقة والتوازن بين الطبيعة والأقانيم، بين الطبيعة والنعمة، بين الطاقات والطبيعة. ولكنّنا لم نقارِبْ قطّ مشكلة الذكوريّة والنسائيّة. هل يوجد أساسيّ ووجوديّ اختلاف بين الذكوريّة والنسائيّة؟
أنا متأكّد، بالنسبة إليّ، أنّ هنالك فرقًا وجوديًّا. ولكن هل يعني هذا الفرق أنّ المرأة لا يمكن أن تدخل في الكهنوت، هذه مسألة لم نقاربها قبلًا. والأجوبة التي نعطيها هي أجوبة وليدة كسلنا الفكريّ وسابق تصوّراتنا.
التقليد والتقليداويّة
طالما أنّ كلّ حياة الكنيسة تُختَصر بالاحتفال الدينيّ، فمن السهل أن نرى أنّ الكلّ متساوون في غياب كلّيّ لحقوقهم، إن كانوا علمانيّين، أو إكليريكيّين. ولكن إذا أتينا إلى الكهنوت الكونيّ لكلّ المؤمنين، نكتشف مفارقة تامّة لأوّل إصحاحين من سفر التكوين، ولتصرّف المسيح كما يمكن الاستنتاج من الإنجيل.
وعندما يجب أن نعطي مبرّرًا لهذه الأمور نقول أن ليس من مبرَّر إلّا التقليد. ولكنّ التقليد هو وسيلة فِعْل أو قناعة خلِقَتْ في التاريخ. وإن لم نستطع أن نَدلّ على الأسباب التي من أجلها وجِدَ هذا التقليد، ليس لدينا الحقّ بالرجوع لهذا التقليد بطريقة عمياء. التقليد هو الذاكرة الحيّة للكنيسة عبر العصور، أمّا التقليداويّة فهذا شيء مختلف: إنّها التصاق أعمى ناشف وميّت بشيء أتانا من التراث، شيء لا نفهم معناه أبدًا أو سبب وجوده، ولكنّنا نتخيّل أنّه كان الاعتقاد الإيمانيّ لأسلافنا.
شخص والدة الإله
أما بالنسبة إلى رجوعنا إلى شخص والدة الإله والقول للنساء إنهنّ يجب أن يحذين حذوها بأن يتوارين من غير لفت للنظر، فهذه إهانة لوالدة الإله ونظرة فقيرة للإنجيل! نجعل من العذراء خادمة! عندما تقول «ها آنذا أمة للربّ»، هذا لا يعني أنّ النساء يجب أن يكنّ خادمات لرجالهنّ!
( كلّما كان لي فرصة تحضير خطيبين للزواج، نناقش هذا المقطع من الرسالة إلى أهل افسس: «الرجل هو رأس المرأة .... يجب على النساء أن يخضعن لرجالهنّ»، دائمًا أقول للعريس إنّ العروس لا تدين له بشيء قبل أن يصبح هو أيقونةً حيّةً للمسيح!...)
في والدة الإله نرى شيئًا مختلفًا تمامًا. هي ليست «أداة» التجسّد. هي شريكة كلّيّة بالتجسّد كما اللَّه نفسه. يقول القدّيس غريغوريوس بالاماس: «بدون موافقة والدة الإله على التجسّد لكان مستحيلًا،كما كان مستحيلًا بدون إرادة الآب».
الكنيسة «سرّ العالم»
نرى أنّ من ضمن دعوة كلِّ المؤمنين كلّ مسيحيّ مدعوّ إلى تقدمة نفسه، روحًا وجسدًا، تقدمةً حيّةً للَّه. وأذكّركم بأنّ كلمة «تقدمة» لا تعني ببساطة تضحية دمويّة أو تقدمة باختصار، وإنّما يعني فِعْلًا يصبح عبره ما كان دنيويًّا مقدّسًا، من قداسة اللَّه نفسه.
كلّ هذا ليس لنقول إنّ الإفخارستيّا هي ثانويّة، في هذا المعنى لا يمكن أن نقول إنّ حدثًا يصبح فيه المخلوق مملوءًا بالألوهة، وأنّ اللَّه يخاطبه عبر الخبز والخمر اللذين يصبحان اللَّه نفسه هو حدث ثانويّ. بالنتيجة ليس من تقليل لقداسةِ الإفخارستيّا أو عظَمتها.
لكنّ الكنيسة هي أكبر من أيّ من أسرارها. الكنيسة تحتوي الكلّ. الكنيسة هي السرّ، «سر العالم»، وهو شيء نَقف بواسطته بمواجهة القداسة، نَرْهَب أمام المقدَّس، شيء يجعلنا صامتين، يتجاوز كلّ كلام، كلّ صلاة: لا يمكننا إلّا أن نكون في السكون ونَعبد، ونتناول، ولكن ليس فقط الخبز والخمر، بل كلّ حياة اللَّه التي تقدَّم لنا وتنسكب فينا.
في صلاة بعد المناولة يطلب الكاهن إلى اللَّه أن يهبنا أن نتشارك معه بحميميّة أكثر من مناولةِ الجسد والدم في الاحتفال الشكريّ. هذا لأنّ الليتورجيا هي وعد إسخاتولوجيّ. كلّ شيء أعْطِيَ ولكن ليس كلّ شيء قد استقْبِلَ. ما زلنا أصغر من أن نحتوي عظمةَ ما أعطِيَ لنا. ثمّ نحن مدعوّون إلى أن نتخاطب مع الله بطريقة لا محدودة، عميقة لدرجة أنّ لا شيء يمكن أن يكون من بعدها. القدّيس مكسيموس المعترف يتحدّث عن «لا محدوديّة حدود اللامنتهى». وفي الكتاب نحن مدعوّون إلى أن نصير مشاركين في «الطبيعة» الإلهيّة وأن نحيا حياة اللَّه عينها.
أن نكون جسم المسيح في كلّ مكان
إذا نظرنا إلى الكنيسة بهذه الطريقة نكتشف أنّها بالحقيقة مجموعة ليتورجيّة. الحدث الشكريّ هو لحظة نصير فيها مشاركين في المسيح، في الطريقة الشاملة، الأكثر حميميّة، في حياتنا، في كلّ ذواتنا. كلّ ما هو صحيح عنه، كلّ ما يكونه – «كاهن، نبيّ، ملك» -، كلّ هذا يجب أن نكونه. هو أتى إلى العالم ليخلّص العالم. أتى ليشارك في كلّ مشاكل العالم، كلّ الأوجاع، كلّ شيء. كما قال ترتليانوس: «ليس من شيء بشريّ يختلف عنّي كمسيحيّ». في المسيح نحن مدعوّون إلى ألّا نبقى جماعة ملتئمة، لكن بسبب هبة النعمة المعطاة لنا، هذا الفرح الذي وُهِبناه، هذه اللحظة التي فيها تجدّدنا، حيث تشارَكْنا المسيح فصرنا له، نُرْسَل، كما أرسِلَ الرسل، في كلّ الاتّجاهات لنَنْقلَ كلّ هذه العطايا.
«من أحبّني يعمل مشيئتي». المسيح لا يقول: من يحبّني يجب أن ينسى العالم، وكلّ حاجاته، كلّ أوجاعه، كلّ الأسباب التي تجسّدت من أجلها، ويذهب ليتأمّل في احتفالات ليتورجيّة، ويغتبط في الأناشيد العظيمة ويفرح بجوّ أخويّ في مجموعة صغيرة دافئة.
مهمّتنا - نعم، إنّها مهمّة -، هي أن نَخْرج من ذواتنا، من جماعتنا، لنصل إلى من ضاعوا. أن نكون جماعة شكريّة هو أن نكون جسم المسيح بالأبعاد العالميّة، نتقاسم مع العالم بأجمعه الفرح فوق العاديّ الذي اكتشفناه، وانبهارنا أمام هذه الحقيقة: الله يحبّنا لدرجة قبوله أن يصير رجلًا، أن يتنازل، أن يتألّم، أن يُخان، أن يرُذَل، أن يُحْكَم عليه، أن يصلب، أن يوضع في الظلّ، أن ينزل إلى جحيم الضياع...
يجب أن نكون حيثما وجِدَ المسيح. حيث الظلمة، يجب أن نكون، لأنّ كلمات المسيح «أنا نور العالم» يجب أن تنطبق علينا. يجب أن نذهب بعطف المسيح إلى حيث يكون الوجع. حيث تكون الخطيئة، يجب أن نكون ملح الأرض وأن ننقذها من الفساد. حيث يكون الشرّ يجب أن نأخذه على عاتقنا، ونغلبه. في المسيح البشريّة والألوهة اتّحدتا، الصراع أصبح في داخله وحلَّ فيه. يجب أن نفعل الشيء ذاته. مكاننا ليس حيث الأمور على ما يرام. مكاننا حيث الشرّ والوجع. مكاننا ليس داخل «الغيتو الليتورجيّ»، ولكن في كلّ مكان في العالم.
أعتقد حقيقةً أنّ الجماعة الكنسيّة التي لا تريد سوى الالتئام تخون دعوة الكنيسة. نحن مبعوثون في هذا العالم تحضيرًا لملكوت اللَّه. ملكوتنا هو احتلال السماء والأرض في سبيل اللَّه. الفرق مع المحتلّين الأرضيّين أنّهم يمتلكون ما احتلّوا ولكنّ الجماعة تعطي الذي احتلّتْه، كما المسيح. تعطي، وعلى دمها، على حياتها، على حبّها المصلوب، حبِّ المسيح المصلوب، يصبح من الممكن أن تبنى المدينة البشريّة، مدينة يجب أن تكون عظيمة جدًّا، عميقة جدًّا، مقدّسة جدًّا، لكي يكون مواطنها الأوّل ربّنا يسوع المسيح، ابن اللَّه المتجسّد.