2019

10. خاطرة – حلمي - بسّام طبشوري – العدد الرابع سنة 2019

 

حلمي

 

بسام طبشوري

 

 حلمي أن أرى كلّ أخ وأخت في عائلتي الحبيبة، الكنيسة الأرثوذكسية، في أيّة رعيّة، في أيّة مجموعة، في حركة الشبيبة الأرثوذكسية، في أيّ بلدٍ، «سفراء حقيقيّين للمسيح» (2كورنثوس 20:5).

حلمي أن أرى كلّ سفيرٍ أرثوذكسيٍّ للمسيح، سفيرًا للحبّ، سفيرًا للروح؛ سفيرًا مبشّرًا، عائشًا الحرّيّة الحقيقيّة لأنّه فقط «حيث يكون روح الربّ تكون الحرّيّة» (2كورنثوس. 17:4).

 حلمي أن أرى «كلّ سفيرٍ أرثوذكسيٍّ»:

أ. وديعًا ومتواضع القلب لأنّه أخذ على عاتقه نير المسيح وتعلّم منه كيف يكون حقًّا وديعًا ومتواضع القلب (متّى 29:11). لأنّه لا يخدع نفسه ظانًّا أنّه شيء، لأنّه يعلم في أعماقه أنّه هو ليس بشيءٍ (غلاطية 6: 3).

ب. شخصًا هادئًا مصلّيًا لا يقلق البتّة من شيءٍ، بل في كلّ حالةٍ، بالصلاة والتضرّع مع الشكر، يقدّم طلباته إلى اللَّه (فيليبّي 4: 6).

ج. شخصًا مفعمًا بالفرح والوداعة تحت أيّ ظرفٍ من الظروف الذي لأجل المسيح، يسرّ بالأوهان، والشتائم، والمشقّات والاضطهادات، والشدائد (2كورنثوس 10:12). يفرح في الربّ كلّ حينٍ، وحلمه واضح لجميع الناس (فيليبّي 4: 4-5).

د. يحترم الآخرين، متسامحًا، محبًّا تجاه كلّ إنسانٍ وجميع أشكال الحياة على صورة إلهه لا يحابي الوجوه ولكنّه يقبل، من أيّة أمّةٍ، كلّ من يتّقي اللَّه ويعمل البرّ (أعمال 10: 34-35). «يحبّ أعداءه، ويحسن إلى مبغضيه» (لوقا 10: 27)، «قصبةً مرضوضةً لا يكسر، وفتيلةً مدخّنةً لا يطفئ» (متّى 12: 20).

هـ. منفتحًا على الآخرين يعلم في أعماقه أن «ليس يونانيّ ولا يهوديّ، ولا ختان ولا قلف، لا بربريّ ولا إسكيثيّ، لا عبد ولا حرّ، بل المسيح هو كلّ شيءٍ، وفي الجميع» (كولوسي 11 :3). والذي لا يكون معثرةً لليهود ولليونانيّين ولكنيسة اللَّه، حتّى ولو حاول إرضاء الجميع في كلّ شيء. لأنّه لا يسعى إلى ما يوافقه بل ما يوافق الكثيرين لكي يخلصوا (1كورنثوس 10: 32- 33). وبعبارةٍ أخرى، يعيش حسبما قال القدّيس بولس: «فصرت لليهود كيهوديٍّ لأربح اليهود. وللذين تحت الناموس كأنّي تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس. وللذين بلا ناموسٍ كأنّي بلا ناموسٍ مع أنّي لست بلا ناموسٍ للَّه، بل أنا تحت ناموس المسيح لأربح الذين بلا ناموسٍ. وصرت للضعفاء ضعيفًا لأربح الضعفاء. وصرت كلًّا للكلّ، لأخلّص الكلّ. وأنا أصنع ذلك لأجل البشارة، لأكون شريكًا في بركاته» (1كورنثوس 9: 20- 23).

و. شخصًا نزيهًا في الحبّ، في الروح يحبّ المسيح ويحفظ وصاياه (يوحنّا 15:14). يعيش حياته في الروح وليس في الحرف لأنّ الحرف يقتل ولكنّ الروح يحيي (2كورنثوس 6:3). 

ز. مكرّسًا، ملتزمًا ويفي بوعوده لأنّه يعلم أنّ الإيمان إذا كان بدون أعمالٍ فهو ميت في ذاته. لأنّ الشياطين أيضًا يؤمنون ويرتعدون (يعقوب 2:  17و19).

ح. شجاعًا ولكن منضبطًا ويقظًا لأنّ روح اللَّه الذي يحمله داخل قلبه لا يجعله متهيّبًا، ولكنّه يعطيه القوّة والمحبّة والتعقّل (2تيموثاوس 1: 7). ومع ذلك فهو يقظ مثل ملكٍ على وشك الذهاب الى الحرب ضدّ ملك آخر، فيجلس أوّلًا ويشاور نفسه: هل يستطيع أن يلاقي بعشرة آلاف رجلٍ من يأتي عليه بعشرين ألفًا؟ (لوقا 31:14).

ط. مرنًا، مسالمًا ومع ذلك جنديًّا قويًّا للمسيح حكيمًا كالحيّات، وديعًا كالحمام (متّى 16:10). «يحتمل المشقّات كجنديٍّ صالحٍ ليسوع المسيح» (2 تيموثاوس 2: 3)؛ «لديه أسلحة محاربةٍ ليست جسديّةً، بل هي قادرة باللَّه على هدم الحصون والخيالات، وكلّ علوٍّ يرتفع ضدّ معرفة اللَّه، وأسر كلّ فكرٍ وإخضاعه لطاعة المسيح» (2كورنثوس 10: 4- 5). ففي هذه المعركة هو قويّ في الربّ وفي عزّة قدرته. لأنّه لبس سلاح اللَّه الكامل، حتّى  يتمكّن من أن يقف ضدّ مكايد إبليس. «لأنّ مصارعتنا ليست ضدّ لحمٍ ودمٍ، بل ضدّ الرئاسات، ضدّ السلاطين، ضدّ ولاة العالم، عالم ظلمة هذا الدهر، ضدّ أجناد الشرّ الروحيّة في السماوات» (أفسس 6: 10- 12).

ي. منفتحًا على أفكاٍر ومنهجيّاتٍ جديدةٍ، ومنظّمًا يفعل كلّ شيءٍ بلياقةٍ ونظامٍ (1 كورنثوس 40:14) لأجل بنيان الكنيسة (1 كورنثوس 26:14).

ك. إنسانًا ملتهبًا بالروح وديناميكيًّا لكونه رسول الريح المقدّسة (مزمور 103: 4)، «يهبّ حيث يشاؤه الروح أن يهبّ. وبعبارةٍ أخرى، كالريح التي تسمع صوتها، إلّا أنّك لست تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب، هكذا هو لأنّه مولودٍ من الروح» (يوحنّا 3: 8)، يصير خادمًا ملتهبا بالنار الإلهيّة (مزمور 103: 4).

ل. حازمًا ممنطقًا حقويه بالحقّ، لابسًا درع البرّ، ناعلًا قدميه بالاستعداد الآتي من إنجيل السلام (أفسس 6: 14-15) ولكن من دون أن يكون متجبّرًا ومتعاليًا.

م. لا يحتمل الظلم والباطل لكنّه يدرك أنّه إذا أخذ أحد في زلّةٍ، يجب عليه، وهو الإنسان الروحيّ، أن يستعيد هذا الشخص بروح الوداعة، لئلاّ يجرّب هو أيضًا. إنّه يسعى دائمًا لإتمام ناموس المسيح بواسطة تحمّل عبء الآخرين (غلاطية 6: 1و2).

ن. لا يدين الآخرين بل يدين خطاياهم، ومناضلًا من أجل الحقيقة فهو يعلم أنّ لا معذرة له ليدين الآخرين، لأنّه بذلك يدين نفسه (رومية 2: 1). وهو يدرك أن «من هو ليدين عبد إنسانٍ آخر؟ إنّه لمولاه يثبت أو يسقط. ولكنّه سيثبّت، لأنّ اللَّه قادر على أن يثبّته» (رومية 14: 4).

س. غفورًا

لأنّه لكونه إنسانًا مختارًا من اللَّه، يلبس عواطف الحنان والرأفة واللطف والتواضع والوداعة وطول الأناة، محتملًا الآخرين، ومسامحًا على أيّ شكوى لديه ضدّ أيّ شخصٍ، غفورًا كما غفر الربّ له (كولوسي 3: 12-13).

ع. معتبرًا مثل القدّيس بولس أنّ

المسيح يسوع إنّما جاء إلى العالم ليخلّص الخطأة الذين أوّلهم هو (1 تيموثاوس 15:1).

ف. موبّخًا ومتقبّلًا النقد والتوبيخ، متّخذًا المبادرة وفقًا لذلك

لا يقرّع شيخًا بل يعظه كأنّه أبوه. ويعامل الفتيان كأنّهم إخوة، (1 تيموثاوس 1:5) ويوبّخ ويعظ بكلّ أناةٍ وتعليمٍ (2 تيموثاوس 4: 2).

ص. لا يتشبّث برأيه ولكنّه إنسان يعتمد على المرشدين

لأنّه يدرك أنّه حتّى نبيّ حكيم مثل الملك سليمان كان يعتمد على المستشارين. لأنّ المقاصد بغير مشورةٍ تبطل، وبكثرة المشيرين تقوم (أمثال 22:15).

ق. لا يتحجّر في الماضي ولكنّه يستخدم لغة هذا العصر لأنّه لبس الإنسان الجديد الذي يتجدّد للمعرفة على صورة خالقه (كولوسي 10:3).

ر. يعيش حياةً روحيّةً داخليّةً قويّةً ويجاهد ضدّ الخطيئة لدرجة بذل الدم (عبرانيّين 12: 4)  ورغم كون إنسانه الظاهر يفنى، إلا أنّ إنسانه الباطن يتجدّد يومًا فيومًا. (2 كورنثوس 4: 16) في رحلته نحو تحقيق مقدار قامة ملء المسيح (أفسس 13:4).

ش. إنسان محبّةٍ المحبّة التي «تتأنّى وترفق، التي لا تحسد، ولا تتباهى، ولا تنتفخ، التي لا تأتي قباحةً، ولا تلتمس ما هو لها، ولا تحتدّ ولا تظنّ السوء، ولا تفرح بالظلم بل تفرح بالحقّ، وتحتمل كلّ شيءٍ، وتصدّق كلّ شيءٍ، وترجو كلّ شيءٍ، وتصبر على كلّ شيءٍ» (1كورنثوس 13: 4- 7).

أحلم بأن أرى كلّ عائلةٍ في الكنيسة الأرثوذكسية، كلّ رعيّةٍ، كلّ مجموعةٍ، كلّ فرعٍ من فروع حركة الشبيبة الأرثوذكسية وكلّ الحركة برمّتها، في أيّ بلدٍ:

يملكون روحًا موحّدةً ونظم قيادةٍ ومحاسبةٍ وتدقيقٍ وتخطيطٍ وتدريبٍ موحدّة عاملين من دون العداوات والخصام والغيرة والغضب والطموح الشخصيّ والشقاق والتحزّب والمنازعات والبدع والحسد. بل عاملين «بروح المحبّة والفرح والسلام وطول الأناة واللطف والصلاح والإيمان والوداعة والعفاف» (غلاطية 5: 20-23).

مع قيادةٍ تشبه قيادة القدّيس بطرس التي لا تقبل الكذب على الروح القدس، بل تحاسب وتراجع كما حصل مع حنانيّا الذي احتفظ بقسمٍ من ثمن الحقل الذي باعه:

«ما الذي جعلك تفكّر في القيام بمثل هذا الشيء؟ إنّك لم تكذب على الناس بل على اللَّه. فلمّا سمع حنانيّا هذا الكلام سقط ومات، فوقع خوف عظيم على جميع الذين سمعوا بذلك» (أعمال 5: 4- 5).

مع نمط قيادةٍ تجتهد في حفظ وحدة الروح برباط السلام (أفسس 4: 3). وتسعى أن يكون أعضاؤها على رأيٍ واحدٍ (لا أن يكونوا «رجال النعم» أي ألّا يوافقوا على كل ما يطرحه رؤساؤهم عليهم لإرضائهم)، و«أن يكونوا على محبةٍ واحدةٍ وقلبٍ واحدٍ وفكرٍ واحدٍ (فكر المسيح) الذي إذ هو في طبيعته إله لم يعتبر مساواته للَّه شيئًا للاستفادة، بل أخلى ذاته، آخذًا صورة عبدٍ، صائرًا في شبه البشر. وأن لا يعملوا شيئًا عن منازعةٍ أو عجبٍ، بل يحسبون بتواضعٍ أنّ الآخرين أفضل منهم، ولا ينظرون إلى ما هو لنفسهم بل إلى خير الآخرين، أي الكنيسة» (فيليبّي 2: 2 و 3 و 4 و 7).

مع قيادةٍ أسلوبها في اتّخاذ القرارات هو ترجمة لإيقونة العنصرة حيث كلّ الأشخاص متساوون؛ وحيث المسيح هو الرئيس والرأس الوحيد وحيث القرارات تتّخذ بتوافق الآراء.

قيادة لا تقبل إداءً أو سلوكًا شخصيًّا دون المستوى من أيّ عضوٍ في المجموعة وفقًا لنصيحة القديس بولس: كتبت إليكم بأن «لا تخالطوا من يسمّى أخًا إن كان زانيًا او طمّاعًا أو عابد أوثانٍ أو شتّامًا أو سكّيرًا أو خاطفًا ولا تجلسوا معه لتناول الطعام. فإنّه ماذا يعنيني أن أدين الذين في الخارج؟ ألستم أنتم إنّما تدينون الذين في الداخل؟» وأمّا الذين في الخارج فإنّ اللَّه يدينهم فاعزلوا الشرير من بينكم» (1كورنثوس 5: 11- 13).

قيادة تتعاون بشكلٍ وثيقٍ مع كلّ الشبيبة الأرثوذكسيّة في جميع أنحاء العالم بدءًا من الشتات الأنطاكيّ، وذلك تطبيقًا لكلام المسيح هذه هي وصيّتي: «أن يحبّ بعضكم بعضًا كما أحببتكم» (يوحنّا ١٥: ١٢).

قيادة تعقد اجتماعاتٍ فعّالةً مستفيدةً من كلّ فرصةٍ، ومنتهزةً الوقت لأنّ الأيّام شريرة» (أفسس 5: 16).

قيادة لديها أهداف ذكيّة (محدّدة، قابلة للقياس، يمكن تحقيقها، واقعيّة، ومناسبة (SMART)، تستخدم وسائل جديدةً وتقتطع المشاريع غير المنتجة وهي متأصّلة في المسيح «فكلّ غصنٍ فيّ لا يأتي بثمرٍ ينزعه وكلّ ما يأتي بثمرٍ ينقّيه فيأتي بثمرٍ أكثر. أنتم الآن أنقياء بفضل الكلام الذي كلّمتكم به. أثبتوا فيّ وأنا فيكم، كما أنّ الغصن لا يستطيع أن يأتي بثمرٍ من عنده، إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضًا إن لم تثبتوا فيّ. أنا الكرمة وأنتم الأغصان. من يثبت فيّ، وأنا فيه، فهو يأتي بثمرٍ كثيرٍ، لأنّكم بدوني لا تستطيعون أن تعملوا شيئًا» (يوحنّا 15: 2- 5). «كان لرجلٍ تينة مغروسة في كرمه، فجاء يطلب فيها ثمرًا فلم يجد. فقال للكرّام: ها إنّ لي ثلاث سنين آتي وأطلب ثمرًا في هذه التينة فلا أجد. فاقطعها! فلماذا تعطّل الأرض؟ فأجاب وقال له: يا سيّد، دعها هذه السنة أيضًا، حتّى أنقب حولها وألقي سمادًا. فلعلها تنتج ثمرًا، وإلاّ فبعد ذلك تقطعها» (لوقا 13: 6- 9).

لديّ حلم أن أرى حركة الشبيبة الأرثوذكسية في طليعة من يجعل هذا الحلم حقيقة كما قال أحدهم، إذا كنت ترغب في الحلم، فاحلم كبيرًا، لأنّ الأحلام لا تكلّف شيئًا، والأحلام ليست مستحيلةً. يمكننا أن نفعل ذلك في المسيح. يمكننا أن نفعل ذلك في الروح القدس.n

 

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search