2017

13. الأخبار – العدد الرابع سنة 2017

البلمند

بيان المجمع الأرثوذكسيّ الأنطاكيّ  المقدّس

انعقد المجمع الأنطاكيّ المقدّس برئاسة غبطة البطريرك يوحنّا العاشر (يازجي)، في دورته العاديّة السابعة، من السادس وحتّى التاسع من حزيران 2017 في مقرّ البطريركيّة في البلمند، وذلك بحضور كلّ من أصحاب السيادة:

إلياس (أبرشيّة بيروت وتوابعها)، إلياس (أبرشيّة صيدا وصور وتوابعهما)، دمسكينوس (أبرشيّة ساو باولو وسائر البرازيل)، سابا (أبرشيّة بصرى حوران وجبل العرب)، بولس (أبرشيّة أستراليا ونيوزيلندا)، جورج (أبرشيّة حمص وتوابعها)، سلوان (أبرشيّة بوينس آيرس وسائر الأرجنتين)، باسيليوس (أبرشيّة عكّار وتوابعها)، أفرام (أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما)، إغناطيوس (أبرشية فرنسا وأوروبّا الغربيّة والجنوبيّة)، إسحق (أبرشيّة ألمانيا وأوروبّا الوسطى)، جوزيف (أبرشيّة نيويورك وسائر أميركا الشماليّة)، غطّاس (أبرشيّة بغداد والكويت وتوابعهما)، وسلوان (أبرشيّة الجزر البريطانيّة وإيرلندا)، أنطونيوس (أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما).

وحضر الأسقف أفرام (معلولي) أمين سرّ المجمع المقدّس وكاتب المجمع الإيكونوموس جورج (ديماس).

واعتذر عن عدم الحضور أصحاب السيادة المطارنة يوحنّا (أبرشيّة اللاذقيّة وتوابعها)، أنطونيوس (أبرشيّة المكسيك، فنزويلا، أميركا الوسطى وجزر الكاريبي)، سرجيوس (أبرشيّة سانتياغو وتشيلي). وتغيّب المطران جورج (أبرشيّة جبيل والبترون ما يليهما). وقد حضر المطران بولس (أبرشيّة حلب والإسكندرون وتوابعهما)، المغيّب بفعل الأسر، في صلوات آباء المجمع وأدعيتهم.

صلّى آباء المجمع من أجل راحة نفس المثلّث الرحمة المطران إيليّا (صليبا) المنتقل في الأوّل من نيسان ٢٠١٧، سائلين اللَّه أن يرتّب نفسه مع أرواح الصدّيقين، وأن يتقبّل خدمته الطويلة لكنيسة المسيح. ومن ثمّ انتقلوا لتدارس واقع أبرشيّة حماة الشاغرة بالاستناد إلى تقرير أعدّه المعتمد البطريركيّ الأسقف نقولا (بعلبكي). وجّه آباء المجمع الشكر للمعتمد البطريركيّ، وأخذوا علمًا بالأسماء التي رشّحها مؤتمر الأبرشيّة المؤلّف من إكليريكيّين وعلمانيّين، والمنعقد في حماة بتاريخ 27 أيّار 2017، والتي تضمّنت الأسماء التالية: الأسقف نقولا (بعلبكي)، الأسقف أثناسيوس (فهد)، الأسقف إيليّا (طعمة)، الأسقف أفرام (معلولي)، الأسقف قسطنطين (كيّال) والأرشمندريت موسى (الخصي)، الواردة في لائحة الترشيح للأسقفيّة المقرّة من المجمع المقدّس. بعدها قام المجمع بترشيح ثلاثة إكليريكيّين من لائحة المرشّحين المذكورة، وتوجّه بعدها الآباء المطارنة إلى كنيسة المقرّ البطريركيّ فانتخبوا سيادة الأسقف نقولا (بعلبكي)، مطرانًا على أبرشيّة حماة وتوابعها.

استقبل آباء المجمع عددًا من أبنائهم العاملين في الشأن العامّ، واستمعوا إلى أربع مداخلات قدّمها دولة نائب رئيس الحكومة الوزير غسّان حاصباني والوزيران السابقان طارق متري ونقولا نحّاس والنائب غسّان مخيبر، وعدد من ذوي الاختصاص الذين أطلعوهم على دقائق المجريات والتحدّيات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تواجه الشرق ومسيحيّيه بشكل خاصّ. وثمّنوا ما جاء في هذه المداخلات من أفكار واقتراحات تهدف إلى ترسيخ الحضور وتفعيل الشهادة الأرثوذكسيّة، وشدّدوا على أهمّيّة هذه اللقاءات ودورها في استنباط مقاربة أنطاكيّة واحدة للمسائل والتحدّيات المطروحة.

تدارس آباء المجمع واقع الأبرشيّات في الوطن وبلاد الانتشار، مستعرضين ما تحقّق من إنجازات خلال العام المنصرم، وما تواجهه هذه الأبرشيّات من تحدّيات على مختلف الصعد الرعائيّة والروحيّة والإنمائيّة والاجتماعيّة. وعبّروا عن فرحهم بالتفاف أبنائهم حول الكنيسة والتزامهم شؤونها وإخلاصهم لقيم الإنجيل، ودعوهم إلى تعميق التزامهم وتفعيل ترجمتهم لإيمانهم في مختلف قطاعات الحياة حيثما دعوا ليشهدوا. وثمّن الآباء بشكل خاصّ التفاف أبرشيّات الانتشار في القارّات الثلاث، الأوروبّيّة والأميركيّة والأستراليّة حول الإخوة المهجّرين، وثمّنوا احتضانهم في رعاياهم وتوجّهوا بالشكر لمحبّتهم لتضامنهم مع إخوتهم في الوطن، ودعمهم العمل الإغاثيّ التي تقوم به البطريركيّة.

تدارس الآباء واقع المحاكم الروحيّة في سورية ولبنان، وقرّروا متابعة الحوار في هذا الخصوص لإعداد تصوّر حول كيفيّة تطوير المحاكم الروحيّة، بالاستناد إلى الخبرات المتراكمة من أجل أن تصبح هذه المحاكم أكثر فاعليّة وشفافيّة.

وتبنّى آباء المجمع التقرير الخاصّ بالتطوّرات في العالم الأرثوذكسيّ خلال السنة المنصرمة، بعد »مجمع كريت«، وبعمل المجالس الأسقفيّة في الانتشار، والذي تناول الدور الأنطاكيّ على صعيد شهادة الكنيسة الأرثوذكسيّة الجامعة في السنوات الأخيرة.

واستعرض الآباء أيضًا تقارير عدّة عن العمل المسكونيّ، والحوار الأرثوذكسيّ الكاثوليكيّ وعمل مجلس كنائس الشرق الأوسط. وأعادوا التشديد على أهمّيّة الحوار مع العالم المسيحيّ والدور الأنطاكيّ المنفتح في هذا الحوار، وذلك بهدف تذليل الصعاب أمام الشهادة المسيحيّة الواحدة في عالم اليوم الذي يعرف تغييرات متسارعة وجذريّة، تتطلّب موقفًا مسيحيًّا مشتركًا نابعًا من الإنجيل ومن التراث المشترك الذي يجمع المسيحيّين.

ولم يغب عن الآباء ما يعانيه أبناؤهم من مصاعب نتيجة الحروب الدائرة والأزمات الاقتصاديّة، التي تشهدها البلدان التي يعيشون فيها. فاستعرضوا بشكل خاصّ عمل الدائرة البطريركيّة للتنمية والإغاثة التي تنشط على كامل الأراضي السوريّة كذراع البطريركيّة في خدمة المحبّة. وشكروا العاملين في هذه الدائرة والقائمين عليها والهيئات المانحة. وفي ظلّ تفاقم الأزمات المعيشيّة والاقتصاديّة، ناشد الآباء الجميع دعم هذا العمل التعاضديّ ومساندة هذا البرنامج الحيويّ الذي يضيء شمعة في ظلمة هذه الأزمة الخانقة، التي يرزح عدد كبير من أبنائنا تحت وطأتها الضاغطة، التي تطال مختلف وجوه حياتهم، السكنيّة والاستشفائيّة والغذائيّة والتعليميّة وغيرها. وتوقّف الآباء عند واقع التعليم اللاهوتيّ في الكرسيّ الأنطاكيّ والدور الذي يقوم به معهد القدّيس يوحنّا الدمشقيّ في هذا المجال. وشدّدوا على أهمّيّة هذا المعهد كمشتل لإعداد الرعاة وكمؤسّّسة تخدم الوحدة الأنطاكيّة، وتساعد على بلورة ونشر اللاهوت الأنطاكيّ والإعداد الكهنوتيّ فيّ الكنيسة الأنطاكيّة.

وفي سياق الدورة المجمعيّة القائمة للمجمع الأنطاكيّ المقدّس، أوفد آباء المجمع سيادة المطران أفرام (كرياكوس، طرابلس) وسيادة المطران أنطونيوس (الصوري، زحلة) إلى سيادة المطران جورج (خضر، جبيل والبترون) لنقل محبّة وأدعية السيد البطريرك وآباء المجمع لسيادته ودراسة وضع مطرانيّة جبيل والبترون وما يليهما، وإمكانيّة اتّخاذ قرارات وإجراءات معيّنة بهذا الخصوص.

اطّلع الآباء على الزيارة التي قام بها غبطة البطريرك إلى أبرشيّة حلب بعد انتهاء معركة تحرير المدينة. وكرّروا استنكارهم للحرب المدمرة التي يعاني الشعب السوريّ بمختلف فئاته من ويلاتها، والتي أوقعت، وما زالت، خسائر بشريّة ومادّيّة جسيمة، وأدّت إلى تفتيت المجتمع السوريّ وسقوط آلاف القتلى والجرحى والمفقودين، كما ولّدت موجات نزوح ولجوء لم يشهد العالم مثلها. وحذّر الآباء، من الحصار والعقوبات الاقتصاديّة المفروضة على الشعب السوريّ، التي أضرّت بكلّ الناس، ولكنّها طالت أكثر ما طالت الطبقات الكادحة والفقيرة التي ازدادت فقرًا وبؤسًًا، وأصبحت عاجزة عن تأمين لقمة عيشها وأبسط مستلزمات السكن والصحّة والتعليم. وفي هذا الصدد، يناشد الآباء المجتمع الدوليّ، العمل على فكّ الحصار المفروض على الشعب السوريّ، والعمل على وضع حدّ للإرهاب والعنف والتهجير والتفتيت، والمساهمة الحثيثة في تثبيت وقف إطلاق النار وإعادة إرساء السلم الأهليّ. فالشعب السوريّ لم يولد ليكون وقودًا في صراعات قوى هذا العالم، ولا للقتل والنزوح والهجرة، بل للعيش بحرّيّة وكرامة وللشهادة لقيم التسامح والعيش الواحد كما كان طيلة تاريخه.

ناشد آباء المجمع الخيّرين في هذا العالم، العمل على كشف مصير المفقودين والمخطوفين وتحريرهم، ومن بينهم مطرانا حلب بولس (يازجي) ويوحنّا (إبراهيم) اللذان أصبح اختطافهما لغزًا محيّرًا في ظلّ الصمت الدوليّ المطبق، واللذان يبقى حضورهما في أبرشيّتيهما، وكنيستيهما، وفي ضمير العالم الحيّ، أشدّ وأقوى من تغييبهما.

رحّب آباء المجمع بعودة لبنان إلى موقعه الفاعل في العالم بعد انتخاب فخامة رئيس الجمهوريّة، وتشكيل الحكومة واستعادة حركة التشريع في المجلس النيابيّ، وشدّدوا على أهمّيّة احترام الميثاق والدستور في تبنّي قانون مناسب للانتخاب يُؤمِّن صحة التمثيل لجميع مكوّنات المجتمع اللبنانيّ، ويوطّد عيشهم الواحد وشراكتهم في إطار الوطن وأبعد من حدود الطوائف.

بارك الآباء جميع الخطوات الهادفة إلى مكافحة الفساد ووضع حدّ لهدر المال العامّ، باعتبارها مدخلاً أساسيًّا لرفع الظلم عن كاهل المواطنين، ولكلّ إصلاح في الدولة اللبنانيّة التي عانت، وما تزال، من تبعات الفساد المستشري. وجدّدوا دعوتهم من أجل تفعيل عمل أجهزة الرقابة والمحاسبة والقضاء، وتحريرها من سطوة النافذين، ليستعيد المواطن اللبنانيّ الثقة بمؤسّّسات الدولة.

يتطلّع آباء المجمع إلى نظام لبنانيّ يقوم على فكرة المواطنة والمساواة الفعليّة والكاملة بين جميع مكوّنات الشعب اللبنانيّ. ولكنّهم، وفي ظلّ النظام المعمول به حاليًّا، يعبّرون عن رفضهم ما يتعرّض له أبناؤهم من حرمان وتهميش في إدارات الدولة والوظائف العامّة. وهم يعبّرون عن استيائهم من الإقصاء المتمادي الذي يتعرّض له الأرثوذكس في الوظائف خلافًا للعرف المعمول به.

تابع الآباء بقلق شديد واقع الحروب الدائرة في العراق واليمن وسواهما من البلدان العربيّة، حيث يعيش أبناء هذه البلدان، حالات الخوف والقلق على المصير والفقر والعوز، وسألوا اللَّه أن يرحم شعوب المنطقة العربيّة وجميع شعوب العالم، ويجعلهم ينعمون بالأمن والسلام والطمأنينة والعيش الكريم. شجب الآباء أيضًا الجرائم التي تعرّض لها المسيحيّون مؤخّرًا في مصر، وكلّ المحاولات الرامية إلى تخويفهم وتهجيرهم واقتلاعهم من أرضهم، وثمّنوا المواقف المستنكرة والشاجبة لهذه الاعتداءات الهمجيّة والتي صدرت عن مختلف أطراف الشعب المصريّ. وتوقّف الآباء عند آلام الشعب الفلسطينيّ المستمرّة وأدانوا سعي السلطات الإسرائيليّة إلى إبقاء هيمنة الإسرائيليّين على الشعب الفلسطينيّ، ورحّبوا بالمواقف الدوليّة والأمميّة الجريئة التي تدين السياسات والممارسات الإسرائيليّة هذه، باعتبارها تشكّل عزلاً وفصلاً عنصريًّا. كما أدان الآباء كلّ أشكال الإرهاب والتطرّف والعمليّات الإرهابيّة الانتحاريّة التي ضربت أكثر من بقعة في العالم، ودعوا إلى تضافر الجهود الدوليّة لمكافحة الإرهاب المتنقّل.

واستمع الآباء إلى دراسةٍ عن القداسة والقدّيسين في عالم اليوم ونوّهوا، وذكرى أحد جميع القدّيسين القريبة حاضرة في أذهانهم، إلى أهمّيّة تحسّس معنى القداسة في أيّامنا، واستعرضوا بعضًا من الخبرة الأنطاكيّة في تكريم القدّيسين. وحثّ الآباء أبناءهم على تلمّس دروب القداسة والسير في خطاها وذلك في كلّ مجالٍ من مجالات حياتهم، كما نوّهوا بأهمّيّة الاقتداء بمن سبق من قدّيسين أنطاكيّين ماضيًا وحاضرًا قريبًا، مشدّدين على أهمّيّة الدعوة المسيحيّة »كونوا أنتم أيضًا قدّيسين في كلّ سيرة نظير القدّوس الذي دعاكم. لأنّه مكتوب كونوا قدّيسين لأنّي أنا قدّوس« (١بطرس 1: 15-16).

وختم الآباء بإرسال البركة الرسوليّة إلى كلّ أبنائهم الأنطاكيّين المنتشرين في بقاع المعمورة.

 

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search