بيروت
جداريّة العذراء في المتحف الوطنيّ
ما هي قصّة جداريّة والدة الإله في المتحف الوطنيّ في بيروت؟ اكتشفت هذه الجداريّة التي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل اثنين وسبعين عامًا في كنيسة وسط بيروت لم يبق منها إلاّ الحائط الشماليّ الذي يحمل هذه الجداريّة. بقيت هذه الأيقونة في المتحف إلى أن باشر بترميمها الخبير الإيطاليّ جورجيو كابريوني بمساعدة اللبنانيّة نتالي حنّا، وذلك منذ آذار الماضي.
واليوم، بعد أن استعادت جداريّة والدة الإله رونقها تتصدّر بهو المتحف، بعد احتفال حضرته شخصيّات رسميّة واجتماعيّة وثقافيّة في مقدّمتها وزير الثقافة غابي ليّون والسيّدة مي ميقاتي ووزير الإعلام وليد الداعوق والسفير البابويّ المونسينيور غاريالي (كاتشيا).
بعد ترحيب مديرة المتحف آن-ماري عفيش التي عرضت مشروع ترميم الجداريّة على السيّدة ميقاتي التي تبرّعت بمبلغ خمسة وستّين ألف دولار كلفة الترميم، كانت كلمة للوزير ليّون شاكرًا السيّدة ميقاتي على مبادرتها التي »تكتسب رمزيّتها في هذه الظروف، حيث نشاهد حالات تكفيريّة وأيادي عبثيّة في المنطقة تعبث بالتراث الكنسيّ المسيحيّ، ونحن في لبنان نسير نحو الأفضل ونوجّه رسالة إلى كلّ العالم«. ثمّ تحدّثت السيّدة ميقاتي عن أهمّيّة السيّدة العذراء في الديانتين المسيحيّة والإسلاميّة، واعتبرت أنّ قدر لبنان أن يكون ملتقى التعايش المسيحيّ-الإسلاميّ، وملتقى القيم الروحيّة والإنسانيّة المشتركة.
بيروت لبنان
مستشفى القدّيس جاورجيوس
افتتح سيادة المطران إلياس (عودة) الطابق السابع من مبنى مستشفى القدّيس جاورجيوس الجامعيّ. وبعد الصلاة والتبريك بالماء المقدّس كرّم سيادته الأستاذ أنطوان بخعازي وزوجته السيّدة رينيه تقديرًا لعطائه للكنيسة ككلّ وللمستشفى بشكل خاصّ. وقد أطلق اسم القدّيس أنطونيوس على هذا الطابق.
حضر الاحتفال عدد من كهنة بيروت ومدير عامّ المستشفى سلام الريّس، وعميد كلّيّة الطبّ في جامعة البلمند د. كميل نصّار، وحشد من الأطبّاء والإداريّين. وفي ختام الاحتفال أزاح سيادة المطران إلياس وأنطوان بخعازي وزوجته الستارة عن لوحة تذكاريّة كتبت عليها الكلمات التالية: »تقدمة أنطوان بخعازي عن والديه نخلة وروز ٢٠١٣«.
معلولا - سورية
نداء البطريركيّة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة
في ظلّ الأوضاع الأليمة التي تعيشها سورية، وفي ظلّ ما يجري في بلدة معلولا، وجّهت البطريركيّة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة نداء هذا نصّه: »تتفاقم الأعمال العسكريّة في بلدنا الحبيب سورية، ويدفع الإنسان فيه ثمن هذه المأساة، فنرى الخراب يعمّ أرجاء الوطن، والإنسان فيه يتألّم ويُهجّر ويجوع ويعطش وتضيق به سبل الحياة حيثما هو وأينما ذهب. ومن فصول هذه المأساة، فصل يطال بلدة معلولا وديرها، دير القدّيسة تقلا، هذا المحجّ الذي يشهد للحضور المسيحيّ المستمرّ والمحبّ منذ القرون الأولى للمسيحيّة، من جهة، ولعمق العلاقة التي تربط أبناء الوطن الواحد على اختلاف انتماءاتهم الدينيّة من جهة أخرى.
فدير القدّيسة تقلا في معلولا، الذي يشكّل معلمًا حضاريًّا يخصّ جميع المواطنين السوريّين، والذي هو في الوقت ذاته إرث حضاريّ للمجتمع الإنسانيّ برمّته، يعيش أيّامًا صعبة ومؤلمة حاليًّا. فالدير يقع في وسط منطقة لتبادل النيران، الأمر الذي يجعل من عمليّة تموينه عمليّة شاقّة للغاية ومحفوفة بالمخاطر. وقد تعطّل مؤخّرًا، من جرّاء تبادل النيران، المولّد الكهربائيّ في الدير، فتعذّر بذلك تأمين وصول المياه إليه، الأمر الذي يهدّد استمرار الحياة فيه.
نحن نعي تمامًا أنّ حضور الدير في المنطقة يشكّل دعوة واضحة إلى المحبّة والسلام والتآخي بين أبناء الوطن الواحد. ونحن مصرّون على أن نبقى فيه لنشهد لمحبّتنا ولجميع أبنائه، ولنعبّر للجميع عن رفضنا المطلق العنف وما يجرّه من ويلات على البشر والحجر. لذلك نوجّه نداءً رسميًّا وعاجلاً، للهلال الأحمر السوريّ والصليب الأحمر الدوليّ، وللمنظّمات الحكوميّة وغير الحكوميّة المعنيّة بالشؤون الإنسانيّة، كي يعمدوا إلى توفير الضروريّ لقاطني الدير، راهباته وأطفال ميتمه، الذين يقارب عددهم الأربعين شخصًا، وذلك عبر إرسال قافلة تموينيّة خاصّة أو أكثر، ما يتيح لهؤلاء البقاء في ديرهم وبلدتهم شهودًا لمدى ارتباطهم وارتباطنا جميعًا بهذه الأرض التي نحبّ.
كذلك، نستصرخ ضمائر الجميع لحقن الدماء ونبذ العنف، ولتحييد كلّ المعالم التي تدلّ على عراقة سوريّة ودورها الحضاريّ المميّز، وتجنيبها الأذى والدمار. كما نكرّر دعوتنا إلى جميع أبناء الوطن الواحد من أجل اعتماد الحوار البنّاء كسبيل وحيد لحلّ الخلافات، ومن أجل احترام الإنسان وصون حرّيّته وكرامته.
سنّ الفيل - لبنان
صلاة من أجل وقف القتال في سورية
برعاية سيادة المتروبوليت جورج (خضر)، دعا مركز جبل لبنان في حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة إلى المشاركة في صلاة من أجل وقف القتال في سورية، وذلك في ١٢ أيلول ٢٠١٣ في مسرح الأكاديميّة اللبنانيّة للفنون الجميلة، الألبا، سنّ الفيل.
وبصوت واحد وقلب واحد صلّى المشاركون من الأديان والمذاهب المشاركة إلى اللَّه تعالى وتضرّعوا إليه في سبيل وقف نزف الدم البريء في سورية، ونبذ العنف والتشريد والقتل، ودعوا إلى السلام والمحبّة والعدالة الاجتماعيّة والتعايش بين جميع الأطراف المتنازعة.
الحضور من كلّ الأعمار، كهنة وعلمانيّون، مسلمون ومسيحيّون، جاؤوا ليشاركوا في صلاة دعاهم إليها حبّهم للسلام، في مقدّمتهم مطران السلام سيادة المطران جورج (خضر)، ومعه الشيخ سامي أبو المنى عضو المجلس المذهبيّ لطائفة الموحّدين الدروز، والأب أغابيوس (كفوري)، راعي كنيسة سيّدة الحماية في سنّ الفيل ممثّلاً المطران كيرلّس (بسترس) مطران بيروت وجبيل للروم الكاثوليك، والقسّ نبيل معمارباشي راعي الكنيسة الإنجيليّة الوطنيّة في الحدث.
في البدء كلمة ترحيب ألقاها الأخ جوزيف الحاجّ وعزف منفرد للسيّدة جمان الحاجّ على الكلارينت مع عرض لصور عن المأساة في سورية. وقبل كلّ كلام كانت وقفة مع طروباريّة عيد الصليب بصوت الأخ شارل خيراللَّه شاركه فيها الحضور.
الكلمة الأولى كانت للكنيسة الأرثوذكسيّة مع الأب جورج (مسّوح) راعي كنيسة القدّيس جاورجيوس في عاليه، تحدّث بعده عن الكنيسة الكاثوليكيّة الأب أغابيوس (كفوري)، ثمّ الشيخ سامي أبو المنى عن الطائفة الدرزيّة، فالقسّ نبيل معمارباشي عن الكنيسة الإنجيليّة الوطنيّة. كلّ الكلمات دعت إلى العودة عن الضلال وسلوك الصراط المستقيم، وحضّت الإخوة جميعًا أينما كانوا على الصلاة والتوبة.
الوقفة الأخيرة كانت مع مطران السلام الذي قال: »الشيء المحقّق في حياتنا هو الوجع والموت، ومع ذلك نحن نتوق إلى السلام الداخليّ في قلوبنا، وعبر هذه القلوب نعرف أنّ السلام هو المسيح. السلام هو أن تقبل اللَّه في قلبك، فإن استقرّت روحك في اللَّه كان لك السلام. في خضمّ الحروب والثورات والآلام، الناس يعيشون في سلام الربّ فيما هم مرضى وفقراء ومتوجّعون. السلام ينزل من فوق على الأرض، على قلوب الناس ويشفيها. إيماننا هو أنّنا نقدر على أن نحصل على سلام الربّ في نفوسنا وننشره بين الناس. ستكون حروب، وربّما وصلت الإنسانيّة إلى الاستقرار، لكنّ هذا لا يدوم. الناس فيهم أشرار كثيرون يريدون الموت للإنسان، والإنسان محبّ للقتال، لذلك نحن في سعي إلى سلام الربّ في النفوس، ولكن أن تنتهي الحروب في الدنيا يعني أنّ الإنسان تحرّر من شهوة القتل والخطيئة. يسوع صالحنا مع اللَّه، والذي يحبّ المسيح يحبّ الناس ويحبّ مضطهديه وأعداؤه أخوة له. نحن نتلقّى الناس جميعًا في قلبنا المحبّ. من لا يكتفي باللَّه مصدرًا له في حياته لا يستطيع أن يعطي السلام، اللَّه هو السلام، ويريد كلّ واحد منّا أن يصير إنسانًا جديدًا لا أثر فيه للبغض«. وختم سيادة المطران جورج كلامه بالقول: »الحمد للَّه الذي جمعنا هذه الأمسيّة وجعلنا نشعر بوحدتنا هنا، الطيّبون يرون جمال يسوع في الناس«.
فيا ربّ، أنزع فتيل الحقد من النفوس وازرع الحبّ والوئام في قلوب الناس، واهد المتقاتلين إلى نورك فيرموا سلاحهم ويهرعوا إليك.
طرابلس
طرابلس تكرّم أدباءها
شهد مركز الصفدي الثقافيّ تكريم ثلاثة من أدباء طرابلس، هم سيادة المطران جورج (خضر) والقاضي طارق زيادة نائب رئيس المجلس الدستوريّ، والبروفسورة زهيدة درويش جبّور الأمينة العامّة للجنة الوطنيّ (الأونيسكو)، وذلك بدعوة من مؤسّسة الصفدي ونادي ليونز فكتور طرابلس. حضر الحفل نائب رئيس مؤسّسة الصفدي السيّدة منى الصفدي ممثّلة معالي الوزير محمّد الصفدي، حاكم المنطقة الليونزيّة 351 الليون وجيه عكّاري، وسيادة مطران طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس المتروبوليت أفرام (كرياكوس)، وسيادة مطران الروم الملكيّين الكاثوليك في طرابلس والشمال المتروبوليت إدوار (جاورجيوس) ممثّلا بالأرشمندريت إلياس (بستاني)، نائب رئيس جامعة البلمند للشؤون التربويّة الدكتور جورج نحّاس، والمدير العامّ لمؤسّسة الصفدي الأستاذ رياض علم الدين، والأمين العامّ لحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة رينه أنطون، والأمين العامّ السابق للمدارس الأرثوذكسيّة في لبنان شفيق حيدر، وحشد من الشخصيّات السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة.
بعد النشيد الوطنيّ كلمة ترحيب من منسّق الاحتفال الدكتور إميل يعقوب، فكلمات لرئيسة نادي ليونز فكتور طرابلس الليون رندة جروس وممّا قالته:"يحتضن نادينا هذا المؤتمر الذي نكرّم فيه نخبة من روّاد الفكر والعلم والإيمان من أبناء مدينتنا لكي نظهّر دور هذه المدينة العريقة في حركة الإبداع الفكريّ فهي حاضرة في قلب حياتنا الثقافيّة العامّة عبر المساهمات المعرفيّة التي برع فيها أعلام من أبنائها". وكانت كلمة مؤسّسة الصفدي د. مصطفى الحلوةوممّا قاله:"طرابلس، عمقا غائرا في سالف العصور وثغرا بحريّا يشيان بألف حكاية مجد وحكاية، هذه الطرابلس تأتينا اليوم بنجوم زهْر شهود عدول، بحضورهم الآسر يسقط القناع الزائف، فيبين وجه الحقيقة وينتصر العدل ويكون للفكر النيّر سلطانٌ طاردٌ كلّ أفّاك أثيم! فمن الزاهريّة، حيث تتجاور الكنائس والمساجد، فتعزف لحن العيش المسيحيّ- الإسلاميّ الواحد، قرع نواقيس وتهليلا لله أكبر؛ ومن الحدّادين، جبل النار، آتون طرابلس التاريخ التليد؛ ومن الثغر البحريّ المفترّ بردا وسلاما عن موج وأفق.. تأتي بهم الفيحاء، هاتفة بكلّ فخار واعتزاز: أولئك أبنائي، فجئني بمثلهم"!
عقب الكلمات عرضت أفلام شرائح عن مسيرة المكرّمين.
ثمّ ألقى النقيب رشيد درباس كلمة للمكرّم القاضي طارق زيادة قال فيها:" لم يركن الرئيس طارق زيادة إلى موجب التحفّظ الذي يتحلّى به القاضي، بمفهومه البالي والجامد، ولذلك هو لا يتحصّن في قوقعة الوظيفة ولا ينأى بنفسه عمّا يجري، لأنّه لم يتخلّ لحظة واحدة عن إيمانه بأنّ العدل الذي يمارس فيه وجوه وفكره إنّما هو ركن الوطن فإنّ انهدم صار الركن عاريا من مبرّره فاغرا أطلاله على فراغ وعبث، ولذلك لم يكف عن التأليف والتبشير متخطّيا حدود السياسة بمعناها السطحيّ إلى المفهوم المجتمعيّ العميق".
وعن المكرّمة البروفسور زهيدة درويش جبّور قال الدكتور مصطفى الحلوة:"هل أحدّثكم عن زهيدة القابضة، في الزمن الصعب، على جمر الكتابة، إيمانا منها بأنّ الكتابة وظيفة ترسّخ العلاقة بين الإبداع والمجتمع؟ هل أحدثكم عن زهيدة الناقدة الأدبيّة المرموقة التي لم يفلت من قبضة فكرها أيّ حدث فكريّ أو ثقافيّ راق، فكانت في القلب منه، أم أحدثكم عن زهيدة التي يجسّد أرشيفها، في عالم النقد الأدبيّ، ذاكرة فكريّة ثقافيّة جامعة لثلث قرن من الحراك الأدبيّ، على المستوى اللبنانيّ والعربيّ وعلى الفرنكوفونيّ؟
أمّا كلمة الدكتور جان توما عن سيادة المطران جورج فجاء فيها:
"هو أسقف "الكلمة المحيي"، الكلمة عنده لا تؤنّث، لأنّها تدلّ على ذاك الذي منه يتنزّل النطق عليه. جورج خضر عاين وشاهد. لمس بيديه العاريتين ذاك الجسد المصلوب، فكانت النورانية ملجأه، والمحبّة المجّانيّة تراثه الموصول بشروش من أتى إلى هذا العالم منذ ألفي سنة ، وكان هو الكائن أبدا.
"الكلمة" نزيله مذ كان. حامله التعب، ساكنه، عشيره إلى قيامتها في النفوس وعاجنها إلى أن صار رغيفا يأتيه الناس ليشبعوا فيصرفهم إلى وجه سيّد الكلمة الذي كان منذ البدء. كانت دعوته الدائمة أن "كل الكتاب" لتصير الكتاب، فصاره بداءة.
يعرف جورج خضر أنّ "الأحياء" الطرابلسيّة العتيقة من " الأحياء" في باله ومسرى طفولته، ويعرف أن الشرفات الشرقيّة الفيحائيّة العتيقة هي مطلاّته إلى العروبة والمسكونيّة. من هذه الطرابلسيّة التي سلّك فيها جورج خضر طفولته مدوّنا بعيني الطفل براءة العروبة وجمالات الإطلالات المشرقيّة اليوميّة بين الوجه والوجه، بين اليد واليد، بين عتبة المسجد وصحن الكنيسة، آمن بأنّ إعادة بناء العالم المتجدّد قائمة في القلوب المنسحقة، والركب الراكعة وصفاء الإله الواحد الأحد، وأنّ كلّ "حديث في الأحد" هو حديث "نجاوى" لا يتقنها إلاّ القائمون صبحا وبكرة وعشيّة وفجرا إلى مخاطبة ذاك الذي لا ينام لأنّ العالم صنيعة يديه، ولأنّ الانسان القائم من بين الأموات، في حضرته، هو المرتجى بالخلاص الثمين الذي افتداه على خشبة مرذولا.
إنّ مسيح جورج خضر الكونيّ حاضر في ظلمات الفلسفات والآراء والمذاهب، وهو نائم ومنتبه بآن، إيمانا منه بأنّ القائم من بين الأموات لا يترك أحبّته، وأنّ هذه العمليّة الخلاصيّة التي عمّدت الكون بالنورانيّة المجّانيّة لا ترى إلاّ الإنسان في حضرة الله الدائمة، وأنّ ما كتبته الأرض بترابها إنّما هو كتابة سماويّة في اتّصال لا انفكاك فيه بين الـ"هنا" وال"هناك"، أو قلّ هذا العالم حاضر في الملكوت منذ كان، وإنّ مسلك البشر هو مسلك مؤلّه، لأنّ الله منه هذه الأرض وهو آخذها في نورانيّته وإليه، وهو وارثها ومن عليها وما.
مؤلم جورج خضر في لغته، لأنّه يردّك إلى جمالاتها الأولى، في زمن التشاويه الأخيرة. مؤلم لأنّه ببلاغته يريد لأيّام العرب أن تتجلّى حضارة موروثة ومتجدّدة بآن. هذه اللغة التي هو منها وفيها، يأتيها مترجمة لانفعالاته، بقدر ما تحمله من تفجّرات ضياء، وأنّها قادرة على التعبير عن التوجّهات والقضايا المعاصرة. لعلّه اختصرها بقوله إنّه من غير الصحيح "أنّ العربية أبت أن تتنصّر". لقد صارت العربيّة له مطرح المطارح وصار لها أسقف خيمة، كما في التراث العربيّ الدينيّ القديم، يغرف من مناهل المصادر ليصير مرجعا في اللغة المكتوبة، ناحتا وفصيحا حتّى صارت الفصاحة عنده شيئا من السبك الذهبيّ الخالص، في استعادة واضحة لدور اللغة في احتضان المعنى وملائمة الشكل للمضمون في ملاءمة ومشاكلة خارج اللبس والغموض. ألم يقل في نجواه:
" تقرئني جانبا منها جديدا. أذوقها جديدة. تحْييني كلّما نزلتْ على قلبي فتمسي هي فكري. دعها لا تنقطع خشْية أن أجيء من كلماتي أنا. طوّعْ قلبي لك لينطق لساني بما أنزلته على النفس. بهذا يزول خوفي من نفسي وتستدرجني إلى الكشف الذي هو عيناك".
صارت اللغة ذاك الكشف الإلهيّ، بعدما كان القرآن الكريم عند المنفتحين كشفا للعالمين، كشفا نورانيّا لكثيرين، وبهذا الكشف امتشق جورج خضر لغة الإنجيل العربيّة، فترجم معانيه وقضاياه في واقع العصر، مسائلا وحاضرا في مجالس الفكر، حتّى صار إماما في الحوار المنفتح القابل للآخر، على اختلاف مذاهبه وأنماط حياته، ولكن في توادّ لا يعرفه إلاّ الهادئون المستنيرون الواعون حركة المسيح في عزّ العاصفة، وفي هدأة النسيم، والمؤمنون بأنّ المسيح قائم في الشرايين والقلوب في محبّة للآخر، فلا عجب إن علّم المطران جورج خضر الحضارة العربيّة في الجامعة اللبنانيّة، وهو آت منها، في موضوعيّة الباحث، وحبّ العارف، وشوق الغارف، ووثبة المقدام غير العازف.
من هنا يرى خضر:" أنّ المسيحيّ العربيّ لا يحاور الإسلام من موضع استشراق ولكنّه يخاطبه من داخل المسيحيّة الشرقيّة التي كان الإسلام إطار عيشها الاجتماعيّ منذ خمسة عشر قرنا، وله منها عمارة مساجده وبعض فنّه وتشبّه بعباداتها التي لم يفصّلها الوحي تفصيلا، والمسيحيّة الشرقيّة تعرّب لسانها بعد الفتح، وكتبت في القرن الثامن الميلاديّ العربيّة الفصحى البليغة، حتّى أعادت منذ القرن السابع عشر إلى العربيّة الرونق الذي فقدته في عصور الانحطاط. نحن في هذه الديار لسنا مستشرقين. نحن شرقيّون وورثة لغة القرآن وليس عاميّ منّا لا يعرف منه آيات قلّت أو كثرت. لذلك حقّّ لأي واحد من أن يأسف لما حلّ بالإسلام المعاصر على صعيد الممارسة السياسيّة، من هنا حقّ لنا أيضا، بفضل التراث الذي ننتمي إليه أن يكون الواحد منّا حريصا على أن يحيا المسلمون في سلام، وأن يؤتوه إذا صحّ أنّ الإسلام مشتقٌ من السلام".
صحيح أنّ جورج خضر كتب في لبنان وفلسطين والعراق وسورية والجرح العربيّ النازف، لكنّه كان دائما يردّك إلى البداءات والإشراقات ، فالجرح هو الكلم، والكلمة منذ كان جرح نارف في هذا العالم، وأنّ تضميد الجراح هو أوّل البلسمة لقيام لا سقوط بعده إلاّ لتوبة نصوح. فلسطين الجريح تتوسّع وهو وجعٌ أنّ به "خضر"، وما زال، ألما في جسده وروحه، والجرح النازف في هذا الشرق العربيّ ما زال يهزّه، لأنّ المسيح هو الجرح الأوّل المفتوح على الصليب، وأنّ العالم هو صليب، وأنّ الجرح/ الكلم يأتي من خاصرة السيّد المهراقة، ولكنّ كلّ شيء مفتوح على الضياء ومدعو ليحيا بنور القيامة.
بهذا الاستنهاض خرج جورج خضر في ربيع العام 1942 إلى خليجه ليحارب التنين، لم يخف من النظر في عينيه، لم يشهر سيفه، بل شهر كلمته "الذي" آمن به فولّد حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة من رحم المواجهة في فيافي البوادي العطشى فكانت واحة لكثيرين، وما زالت. جورج خضر من متقني نظريّة" التوليد" في اللغة، فأجراها سنّة في حركته أو عروسته، فأنجبت وأينعت وأفرخت وكان له بنون يجتمعون حوله كأغصان الزيتون راضين، فأبى اجتماعهم حوله قائلا لهم: أن امضوا إلى ربّكم، فهو المرتجى وإليه المآب. ولكن فاته أنّ العريس معهم اليوم فهم مبتهجون، وعند رحيله تبقى لهم كلماته وبها يحيون، لأنّها منسكبة من فاحص الكلى والقلوب، رغم إيمانهم بأنّ كلّ كلام هباء في حضرة ضابط الكلّ ومن ندعوه في العشايا والأسحار.
من هنا جاءت جرأة جورج خضر في استباحة، بالعقل والحرّيّة، لمساحات التوتّر المستور والقلق المحرّم، طالعا منها كالنسر الفاهم الكلمة والشارح الناقل أمانة للنصّ واجتهاداته. لم يتجرّأ جورج خضر بل كان جريئا في مقاربته الشباب مشاركا في الإجابة عن التحديات التي تواجههم في مجتمع الاستهلاك مستنطقا ما نهله من الينابيع التراثيّة ومترجما، بلغة العصر وبثقة، ما تسلّمه تسليما مقدّسا فمضى إلى مساحات متجدّدة المواكبة ما بين الإنسانيّة والألوهة، تلك الجدليّة القائمة في تواصل ما بين السماء والأرض، في تنزيه للألوهة وفي تنزيل البركات والنعم بآن على الجسد الإنسانيّ الفخّاريّ المعطوب لينعم بالمجد والقيامة النورانيّة المتفجّرة.
هذه الترجمة قائمة بمودّة وإبداع بين الكاتب والقارىء. يقول جورج خضر: "لا يكتب مبدعا إلاّ من نسي نفسه أو تغاضى عن عشقها. لذلك كان لمن يقرأ. من هذه الزاوية صحّ القول إنّ من تعدّه قارئا يكتب معك. في العمق الكاتب والمكتوب له وجدان واحد ويضع السطور من استطاع. في مرحلة من الوجدان لا تفرّق بين ما تكتب ومن تكتب له. على مستوى الوجدان الكاتب والمكتوب له واحد ويمكن أن يصبحا واحدا في الحبّ. الكاتب لا يختلف عمّن يقرأه إلاّ من حيث إنّ الكاتب كان أداة للإلهام والقارئ كان منفعلا بالأداة، قابلها. في الجوهر هما واحد واتّفق أنّ واحدا يكتب وآخر يقرأ. الكاتب ليس أهمّ منك قارئا. تلقى الإلهام قبلك ثمّ اشتركتما فيه. أنت، منشئا، استلمت في البدء ولكنّك واحد مع الذي استلم بعدك. الأصل جاء ممّن أعطى. والنعمة كلّ شيء. من نسمّيهم مبدعين يقولونها. الأصل في المبدع. ليس المبدع بالضرورة من قال شيئا جديدا. في الحقيقة ليس لأحد منّا شيء جديد إلاّ بالصياغة، بالتعبير أو الشكل. كلّ المضمون قيل منذ أفلاطون. المهمّ أن تكون واحدا مع الحقيقة ومع أهل الحقيقة". .
مع جورج خضر أنت تنصرف إلى تلك التلمذة التي درج عليها الطامعون في المعرفة، ولعلّ باب علمه يشهد لأهل السلطة يأتونه، زرافات ووحدانا، ففي الصميم أنّ العلماء والولاة هم الذين يتصدّرون الأمّة، وجورج خضر من علماء هذا العصر وسادته، إذ تأنسن الحرف عنده ليتألّه، فأقرن إيمانه بترجمته اللغويّة، فكان أديب المقالة بامتياز إذ نظر الأعمى إلى أدبه، وكان ذهبيّ الفم فأسمعت كلماته من به صمم.
إنّ معظم كتابات جورج خضر مقالات على غرار كتّاب كثيرين حول العالم. لكنّنا أمام كاتب لا يضيره طول كتابة أو قصرها، إذ إنّ كلا من مقالاته يرتسم مثل أيقونة تفتح لمن كان له عينان للنظر وأذنان للسمع أبعادا لا تنتهي، لا بل تفتح للكثيرين عيونا وآذانا. وها هو اليوم على عتبة التسعين يكتب وكأنّه في الثلاثين جدّة واندفاعا. إنّه سيّد المقالة في اللغة العربيّة. لا يمكن أن تقرأ مقالة واحدة له إلاّ وقد زدت علما وحكمة وبعد نظر. ولو قصدت أن تقتطع من كلّ مقالة أقوالا مأثورة، لصنّفت كتابا قيّما من مأثوراته التي يجتمع فيها اللاهوت والأدب والفلسفة والاجتماع والسياسة. المخاطب عنده لا يقتصر على من انتمى إلى الأرثوذكسيّة، ولا إلى المسيحيّة، ولا إلى الإسلام. المخاطب عنده هو الإنسان في انكساره ومحدوديّته، في يأسه ورجائه، في عرائه وهو متروك وحيدا يبحث عن درب خلاص".
أطربتنا سيّدي منذ تسعين سنة، بهذه السنوات التسعين نستعين لنشرب من هذا المعين الغنيّ بالماء الحيّ، ذاك الذي يشربه المرء فلا يظمأ إلى الأبد. لقد ملأت سيّدي كتاباتك وحوارك المنفتح الدنيا وشغلت الناس، كما بأسلوبك المكتوب وخطابك المنطوق، فاشتغلت بطوق الحقيقة ترميه على أعناق محبّيك رمز انعتاق من ترابيّتهم إلى ذاك النور الذي لا يغرب. لقد ألبست اللغة قضايا العصر فنطقت بها بهيّة تقود الناس إلى الخلاص الذي حملته، إعلانا وبشارة للأمم ومجدا للشعب المؤمن.
يلمع معك وطني، صاحب السيادة، رغم آلامه وأوجاعه وأنّاته، مشرقا كطلّتك، ممشوقا كقامتك، طالعا منيرا كهامتك، لقد صارت حروفك أبجديّة متلالئة كحبّات المطر، وصرنا إليها وجها وجبينا وأسيلا كي ننعم بنداها وبأدعيتك بكرة وظهرا وأصيلا".
وختامصا وُزعت على المكرّمين دروع تقديريّة وتذكاريّة.
تركيا
إعلان قداسة الأب بورفيريوس
أعلن المجمع المقدّس في البطريركيّة المسكونيّة، برئاسة قداسة البطريرك برثلماوس الأوّل، في جلسته المنعقدة في الدار البطريركيّة في الفنار (إسطنبول)، يوم الأربعاء الواقع فيه 27 تشرين الأوّل 2013، قداسة الأب بورفيريوس وأدرج في عداد قدّيسي الكنيسة الأرثوذكسيّة. من هو القدّيس الجديد؟ ولد إفانجلوس بايراكتاريس في 7 شباط 1906 في كنف عائلة فقيرة وتقيّة في كاريستييا، اليونان. رغب منذ صغره بالترهب ووصل إلى جبل آثوس في سنّ الثانية عشرة. التقى بأبيه الروحيّ الراهب والكاهن بندلايمون الذي أخذه تحت رعايته إلى كافسوكاليفيا إلى منسك القدّيس جاورجيوس. عاش نسكا صارما وكان يتعلّم الإنجيل والطروباريّات عن ظهر قلب ويخدم كمرتّل في الكنيسة. في سنّ الرابعة عشرة رسم كاهنأ واتّخذ اسم نيكيتا. وبعد عامين حصل على الإسكيم الكبير. انتقل إلى دير خرالمبوس حيث رسمه رئيس الكهنة بورفيريوس الثالث كاهنا وأعطاه اسمه. في العام 1938 أعطي رتبة أرشمندريت، ثم توجّه إلى دير القدّيس نيقولاوس في فاثيا. أنشأ ديرا صغيرا في كاليسيا وديرا آخر في ميلسي على اسم التجليّ الإلهيّ. العام 1985 حصل على منسك القدّيس جاورجيوس في كافسوكاليفيا حيث عاش هناك إلى العام 1991 إلى تاريخ وفاته. تميّز بالحكمة والتبصّر والقدرة على معرفة أعماق النفس البشريّة، لهذا عرف باسم بورفيريوس الرائيّ. ألا حفظنا الله بشفاعته.
طروباريّة القدّيس بورفيريوس
قد أعطاك المسيح الربّ من العلى معرفة المقبلات جزاء ما قد فعلت وسيرتك الشريفة يا بورفيريوس يا زهرة إيفيا، من آثوس اقتلعت بالسرّ وغرست في أبهج الجنان لتشفع لدى الربّ بمديحك على الدوام. اللهمّ بشفاعته ارحمنا وخلّصنا. آمين
فرنسا
تنصيب سيادة المتروبوليت إغناطيوس (الحوشي)
في كنيسة القدّيسة هيلانة، باريس، جرى تنصيب سيادة المتروبوليت إغناطيوس (الحوشي) مطرانًا على فرنسا وأوروبّا الغربيّة والجنوبيّة، وذلك في السابع عشر من شهر تشرين الثاني 2013. جرت المراسم برئاسة غبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق يوحنّا العاشر وعدد من السادة مطارنة الكرسي الأنطاكيّ. وللمناسبة ألقى سيادته كلمة شكر لغبطة البطريرك والمجمع المقدّس لثقتهم به، مدركًا مقدار المسؤوليّة الملقاة على عاتقه في هذه الأبرشيّة الناشئة حديثًا. ومّما جاء في هذه الكلمة:" لقد دعاني الله لأكرّس له حياتي منذ حداثتي، فقادني إلى أحضان كنيسته عبر النهضة التي حصلت فيها بظهور حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة، لأنخرط في الحياة الرهبانيّة وأتجرّد عن العالم محبّة بالعالم". ثمّ توجّه إلى أبناء الأبرشيّة داعيًا إيّاهم إلى العمل معًا لإعطاء المعنى الصحيح لعصرنة الكنيسة بروح الإنجيل. فقال:" المسيح يحبّكم، وباسمه اصطبغتم في جرن المعموديّة، وأنتم شهود له، وشهادتكم له تنبع من الكأس المشتركة. وأنا كلّي ثقة بغيرتكم على كنيستكم وعلى العمل فيها". كما وجّه تحيّة إلى أبناء الأبرشيّة على امتدادها في فرنسا وسويسرا وبلجيكا ولوكسمبورغ، واعدًا إيّاهم في إيجاد الطرائق المثلى لرعايتهم. وختم بالقول:"إنّي أعوّل في رسالتي وخدمتي على صلواتكم جميعًا، وبخاصّة على صلوات الرهبان والراهبات في كرسينا الأنطاكيّ، في لبنان وسورية وفي فرنسا، وأشكر حضوركم.
ألمانيا
المتروبوليت إسحاق يستلم عصا الرعاية
في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني 2013 كانت كنيسة القدّيس ديمتريوس المفيض الطيب في كولن ألمانيا، على موعد لاستقبال راعي الأبرشيّة الجديد سيادة المتروبوليت إسحاق بركات. بعد القدّاس الإلهيّ الذي ترأسه غبطة البطريرك يوحنّا العاشر، سلّم غبطته المتروبوليت الجديد عصا الرعاية قائلاً:"نبارك لرعايانا الأنطاكيّة في ألمانيا وأوروبّا الوسطى بالمتروبوليت الجديد أبًا وراعيًا، كما نبارك لسيّدنا إسحاق بهذه العائلة الكبيرة والمحبّة، هذا الشعب الطيّب الأصيل الذي تعلّمنا منه الكثير".
وألقى سيادة المتروبوليت إسحاق كلمة شكر فيها غبطة البطريرك والمجمع الأنطاكيّ المقدّس والحضور وممّا قاله:" أيّها الإخوة والأخوات من دمشق ومن الشارع الذي تعمّد فيه بولس الرسول آتيكم اليوم لأقف في وسطكم كراعٍ لكم ولأبنائكم، ولأحمل لواء كنيستنا الأنطاكيّة في هذه البلاد التي حباها الله بنعم كثيرة وبأشخاص مميّزين بمحبّتهم لله وللكنيسة ولتراثنا المسيحيّ المشرقيّ، هؤلاء الأبناء الذين سعوا ويسعون على بناء كنائسهم بأحلى حلّة قبل أن يفكّروا بأنفسهم وبيوتهم وعائلاتهم، لأنّهم على ثقة بأنّ البيت يبدأ في الكنيسة والالتفاف حول مائدة الربّ والكلمة الإلهيّة التي نأخذها من الكأس المشتركة، وهذا الإرث الذي نستطيع أن نعطيه لأولادنا كما تسلّمناه من أبائنا وأجدادنا. العمل المطلوب منّا في هذه البقعة الجغرافيّة كبير وشهادتنا في هذا المجتمع الذي نعيش فيه كبيرة جدًّا، فنحن مدعوّون إلى رفع اسم إرث كنيسة أنطاكية عاليًا، هذه الكنيسة التي عرفت على مرّ الزمن بانفتاحها على الآخر واستيعابها له، لذلك كلّنا مدعوّون إلى أن نكون رسلاً لكنيستنا أينما وجدنا في مجتمعاتنا، عملنا، مدارسنا، جامعاتنا والأهم في ما بين بعضنا البعض في رعايانا التي يجب أن تكون مشاتل محبّة وعطاء لكلّ من يرغب السلام ويطلبه. كلّنا مسؤولون وليس هناك فرق بين رعية كبيرة أو صغيرة، كلّنا أنطاكيون وعلينا أن نضع أيدينا مع بعضنا البعض لكي نشهد بكلمة الحقّ في هذا العالم الذي نعيش فيه. يجب ألاّ ننسى أبدًا أنّنا ننتمي إلى كنيسة عريقة من أقدم الكنائس في العالم حيث دعيت الجماعة الأولى بها بالمسيحيّين أوّلاً، وأنتم تعلمون هذا حقّ المعرفة لأنّكم تنحدرون من هذه البقعة الجغرافيّة، أنطاكية. علينا أن نتذكّر بأنّ في كنيستنا تراثًا خاصًّا تمتاز به وما يميزها عن غيرها هو الانفتاح المشهود له تاريخيًّا ومحبّة الآخر والمسالمة في العلاقات الأخويّة". ودعا سيادته الجميع إلى العمل بيد واحدة وبخاصّة الشباب وإلى الحثّ على بثّ روح الوعي المسيحيّ الحقيقيّ.
حضر هذا التنصيب بعض من السادة المطارنة في المجمع الأنطاكيّ، رئيس أساقفة ألمانيا المطران لونجينوس، الأسقف برثلماوس مساعد المتروبوليت أغسطينوس من اليونان، ممثّل عن الحزب الديمقراطيّ المسيحيّ، رئيسة بلديّة كورفايلر، نائب من الحزب الأخضر، وممثّلون عن الكنيستين الكاثوليكيّة والبروتستانتيّة، وحشد من المؤمنين.
تمتدّ سلطة الأبرشيّة على سائر ألمانيا والنمسا وهولندا وهنغاريا. في ألمانيا سبع عشرة رعيّة، والمؤمنون من لبنان وسورية وأنطاكية ومن الأجانب. عددهم يختلف بين رعيّة وأخرى، وتضمّ كولن وحدها سبع مئة عائلة. عدد الكهنة في ألمانيا 12 وفي هولندا 2. يقع المقرّ الرسميّ للمطران في بيت قرب كنيسة القدّيس ديمتريوس.